حيث يقول: "فإن قال قائل: خبرونا ما الإيمان عندكم؟ قلنا: الإيمان هو التصديق بالله تعالى، وهو العلم والتصديق يوجد بالقلب فإن قال قائل: وما الدليل على ما قلتم؟ .
قيل له: إجماع أهل اللغة قاطبة على أن الإيمان في اللغة قبل نزول القرآن وبعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - هو التصديق، لا يعرفون في لغتهم إيمانًا غير ذلك.
ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} أي: ما أنت بمصدق لنا. . فوجب أن يكون الإيمان في الشريعة هو الإيمان المعروف في اللغة، لأن الله عزّ وجلّ ما غير لسان العرب ولا قلبه، ولو فعل ذلك لتواترت الأخبار بفعله، وتوفرت دواعي الأمة على نقله، ولغلب إظهاره، وإشهاره على طيه وكتمانه، وفي علمنا بأنه لم يفعل ذلك، بل أقر أسماء الأشياء والتخاطب بأسره على ما كان فيها دليل على أن الإيمان في الشرع هو الإيمان اللغوي" (1).
الرد الإجمالي:
ويجيب شيخ الإسلام عن ذلك بأجوبة مختصرة، منها ما يلي:
1 - أن الإيمان في اللغة ليس مرادفًا لتصديق، وإنما هو بمعنى الإقرار.
2 - أن الإيمان فإن كان في اللغة هو التصديق، فالتصديق يكون بالقلب واللسان وسائر الجوارح، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والفرج يصدق ذلك أو يكذبه".
3 - أن الإيمان -إن ثبت ذلك- فليس هو مطلق التصديق، بل هو تصديق خاص مقيد بقيود اتصل اللفظ بها.
4 - أن الإيمان وإن كان هو التصديق، فالتصديق التام الذي يقوم بالقلب يستلزم -ولا بد- الواجب من أعمال القلوب والجوارح، فإنها لوازم الإيمان التام، وانتفاء اللازم دليل على انتفاء الملزوم.