وعلى هذا الأساس نجد أن شيخ الإسلام عند حديثه عن مسألة الإيمان، ومناقشة الآراء والأقوال فيها يردد العبارات التالية في كتابه "شرح حديث جبريل" على سبيل المثال:
"وهذا وغيره تبين فساد قول جهم والصالحي ومن اتبعهما في الإيمان كالأشعري في أشهر قوليه، وأكثر أصحابه، وطائفة من متأخري أصحاب أبي حنيفة كالماتريدي".
"فليس مجرد التصديق الباطن هو الإيمان عند عامة المسلمين، إلا من شذ من أتباع جهم والصالحي".
"وبهذا يظهر خطأ جهم ومن اتبعه في زعمهم أن مجرد إيمان القلب بدون الإيمان الظاهر ينفع في الآخرة".
"فهؤلاء القائلون بقول جهم والصالحي قد صرحوا بأن سب الله ورسوله والتكلم بالتثليث".
"وإنما نازع في ذلك من اتبع جهم بن صفوان من المرجئة".
"وهو أصل قول جهم والصالحي والأشعري في المشهور عنه وأكثر أصحابه".
ونخرج بعد كل هذا أن شيخ الإسلام لا يرى فرقًا حقيقيًا بين المعرفة والتصديق المجرد، وبالتالي فليس هناك فرق -على الصحيح- بين مذهب الجهمية من جهة، وبين مذهب الأشاعرة والماتريدية في الإيمان من جهة أخرى.
ومن أجل ذلك فهو يطلق أحيانًا اسم الجهمية على الأشاعرة والماتريدية في قضية الإيمان، كما يطلق ذلك الاسم أحيانًا كثيرة على كل من ينفي الصفات مثلاً.
ومن أجل ذلك فستكون مناقشتنا لمذهب الجهمية من خلال مناقشتنا لمذهب الأشاعرة والماتريدية.
الثاني: أن الإيمان عند هؤلاء هو التصديق، فصن صدق بقلبه فهو