وكذلك قوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33)} الأنعام: 33.
وكذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} البقرة: 146.
ولهذا لا يذكر الكفار حجة صحيحة تقدح في صدق الرسل عليهم السلام، وإنما يعتمدون في كفرهم وجحودهم ومكابرتهم على مخالفة أهوائهم.
كما قال الكفار من قوم نوح عليه السلام: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111)} الشعراء: 111.
وكما قال الملأ من قوم فرعون: {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47)} المؤمنون: 47.
وكما قال مشركو العرب: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} القصص: 57.
وكقول عامة المشركين: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} الزخرف: 23 (1).
وبهذا يتبين أن القول بأن كل من حكم الشارع بكفره، فإن ذلك بسبب خلو قلبه من التصديق والمعرفة والعلم، قول باطل، دل على بطلانه الحس والواقع والعقل والشرع وإجماع العقلاء.
ومن الأدلة الشرعية على فساد هذا الأصل، أن هناك آيات كثيرة تدل على أن الكفار في الآخرة يعرفون ربهم، فإن كان مجرد المعرفة إيمانًا كانوا مؤمنين في الآخرة، ومن هذه الآيات: قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)} الأنعام: 30، وغيرها من الآيات (2).
ثانيًا: يقول المصنف رحمه الله تعالى: "وكفر إبليس وفرعون واليهود