المسألة السابعة *
(تابع المسائل الأصلية) الإحسان والكلام عليههذا الباب يعد بحق من أكثر أبواب الكتاب شفافية وإمتاعًا، فلئن كان النقاش والاستدلال والحجاج هو الرائد فيما مضى من موضوعات الكتاب، فإن أسلوب المصنف في هذا الباب ليعتمد على الهدوء والتأصيل والتقرير.
ولئن كان الكلام هناك في الغالب مع المخالفين، فإن الكلام هنا توجيهات للمؤمنين ووقفات مع المحسنين.
وإن كلام المصنف في هذا الباب بالإضافة على أنه تأصيل لدرجة الإحسان العليا من الدين، ليعد -بلا مبالغة- مرجعًا أصيلاً في التربية السليمة الشاملة على ضوء هذه الدرجة الرفيعة، وهي الإحسان.
وسوف نرى ذلك واضحًا في الصفحات التالية.
تعريف الإحسان:
يذكر المصنف أن بعض العلماء قد عرف الإحسان بأنه الإخلاص، وقال بعد ذلك: "والتحقيق أن الإحسان يتناول الإخلاص وغيره، والإحسان يجمع كمال الإخلاص لله، ويجمع الإتيان بالفعل الحسن الذي يحبه الله" (1).
وبعد أن ذكر جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل عليه السلام عن الإحسان، وهو قوله: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
قال: "ومراقبة الله هي السر المطلوب في جميع أحوال العبد".
وهذا الكلام يعد أيضًا تعريفًا للإحسان، وحين يرى المصنف أن الإحسان يجمع الإخلاص في العمل، والإتيان له على الوجه الحسن، فإنه يستشهد بتفسير الإمام الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى لقول الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} الملك: 2.