وأجد لزاماً أن أشير إلى الملامح العامة لمنهج شيخ الإسلام في التأليف، وطريقته في التصنيف، وأعود لأذكر بما سبق التنويه عنه عند الحديث عن مكانته العلمية، وأن من الخصائص التي تفرد بها إملاؤه لغالب مصنفاته من حفظه، ومن خصائصه في باب التأليف سرعة الكتابة والتصنيف.
لكن المتأمل لا يستطيع إلا أن يجد أثر ما أحاط بشيخ الإسلام من وقائع وظروف، وما واجهه من محن وأحداث، وبالتالي يمكن إلى حد ما أن يفسر المرء بعض الملاحظات على مصنفاته -رحمه الله-، ومنها:
أولاً: كثرة المصنفات وتنوعها.
ثانياً: اختلاف مسمياتها وتكرارها.
ثالثاً: أسباب تأليفها، ودواعي تصنيفها، وزمن كتابتها.
رابعاً: تباين أحجامها وعدد أجزائها ومجلداتها (1).
وكل هذه التساؤلات لا يمكن الإجابة عنها، إلا إذا ربطت بحياة شيخ الإسلام وما صاحبها من تقلبات متأرجحة بين السراء والضراء.
فالشيخ -رحمه الله- في ذهنه الشيء الكثير مما يود التصنيف فيه، وهو حين يطالع كتب المتقدمين يجد في كثير من الأحيان، دافعاً إلى التعقيب، خصوصاً إن كانت هذه الكتب شائعة في مدارس الفقهاء ومقروءة بين الناس، وقد تقع حادثة في المجتمع فيجد الشيخ نفسه ملزماً ببيان الحق وحكم الدين من خلال تصنيف نافع، وقد ترد أسئلة من أقطار شتى، فتجد الجواب من بحر العلم في مصنف كبير، وربما كتب في شيء ما يحضره الساعة، ثم عاد إليه بعد زمن وأضاف إليه أشياء.
وخلاصة القول أن جميع مصنفات شيخ الإسلام ومؤلفاته ورسائله وفتاويه عبارة عن أصداء لعصره الذي عاش فيه، وهي ترجمان لما فهم من