إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} سبأ: ٢٣ وقوله: {يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} طه: ١٠٩ ، فنفى الشفاعة المطلقة وبين أن الشفاعة لا تنفع عنده إلا لمن أذن له، وهو الإذن الشرعي، بمعنى: أباح له ذلك وأجازه، كما قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} الحج: ٣٩ ، وقوله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ} الأحزاب: ٥٣ ، وقوله: {لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النور: ٥٨ ، ونحو ذلك.
وقوله: {إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} هو إذن للمشفوع له فلا يأذن في شفاعة مطلقة لأحد، بل إنما يأذن في أن يشفعوا لمن أذن لهم في الشفاعة فيه، قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} طه: ١٠٨، ١٠٩ ، وفيه قولان:
قيل: إلا شفاعة من أذن له الرحمن.
وقيل: لا تنفع الشفاعة إلا لمن أذن له الرحمن، فهو الذي تنفعه الشفاعة.
وهذا هو الذي يذكره طائفة من المفسرين، لا يذكرون غيره؛ لأنه لم يقل: " لا تنفع إلا من أذن له " ولا قال: " لا تنفع الشفاعة إلا فيمن أذن له "، بل قال: {لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ} فهي لا تنفع ولا ينتفع بها، ولا تكون نافعة إلا للمأذون لهم، كما قال تعالى في الآية الأخرى: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} سبأ: ٢٣ .
ولا يقال: لا تنفع إلا لشفيع مأذون له، بل لو أريد هذا، لقيل: لا تنفع الشفاعة عنده إلا من أذن له، وإنما قال: {لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} وهو المشفوع له، الذي تنفعه الشفاعة.
وقوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} لم يعد إلى " الشفعاء " بل عاد إلى المذكورين في قوله: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ} ثم قال: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ} ثم بين أن هذا منتف {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ