لك من الله من شيء، يا عباس عم رسول الله، لا أملك لك من الله من شيء ".
وفى الصحيح أيضاً: " لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رُغَاء أو شاة لها يُعَار أو رِقَاع تَخْفِق، فيقول: أغثني، أغثني، فأقول: قد أبلغتك، لا أملك لك من الله تعالى من شيء ".
فيعلم من هذا: أن قوله: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} الزخرف: ٨٦ ، و {لَا يَمْلِكُونَ
مِنْهُ خِطَابًا} النبأ: ٣٧ ، على مقتضاه، وأن قوله في الآية: {لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ} كقوله صلى الله عليه وسلم: " لا أملك لكم من الله من شيء " وهو كقول إبراهيم لأبيه: {وَمَا أّمْلٌكٍ لَكَ مٌنَ اللهِ مٌن شّيْءٍ} الممتحنة: ٤ .
وهذه الآية تشبه قوله تعالى: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} النبأ: ٣٧، ٣٨ ، فإن هذا مثل قوله: {يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} طه: ١٠٩ ، ففي الموضعين اشترط إذنه. فهناك ذكر " القول الصواب " وهنا ذكر " أن يرضي قوله ". ومن قال: الصواب رضي الله قوله، فإن الله إنما يرضي بالصواب.
وقد ذكروا في تلك الآية قولين:
أحدهما: أنه الشفاعة أيضاً كما قال ابن السائب: لا يملكون شفاعة إلا بإذنه.
والثاني: لا يقدر الخلق على أن يكلموا الرب إلا بإذنه. قال مقاتل: كذلك قال مجاهد: {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} قال: كلاماً. هذا من تفسيره الثابت عنه، وهو مِن أعلم أو أعلم التابعين بالتفسير.