فعلى قول مجاهد: يكون المستثنى من أتى بالكلم الطيب والعمل الصالح.
وقوله في سوره طه: {لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} الآية: ١٠٩ ، فإذا جعلت هذا مثل تلك، فتكون الشفاعة هي الشفاعة المطلقة، وهي الشفاعة في الحسنات وفى دخول الجنة، كما في الصحيحين: " أن الناس يهتمون يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يرحنا من مقامنا هذا؟ "، فهذا طلب الشفاعة للفصل بينهم.
وفى حديث الشفاعة: " أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن " فهذه شفاعة في أهل الجنة؛ ولهذا قيل: إن هاتين الشفاعتين مختصتان بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويشفع غيره في العصاة.
فقوله: {يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} طه: ١٠٩ ، يدخل فيها الشفاعة في أهل الموقف عموماً، وفى أهل الجنة، وفي المستحقين للعذاب. وهو سبحانه في هذه وتلك لم يذكر العمل، إنما قال: {وَقَالَ صَوَابًا} وقال: {وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} ، ولكن قد دل الدليل على أن القول الصواب المرضي لا يكون صاحبه محموداً إلا مع العمل الصالح، لكن نفس القول مَرضي، فقد قال الله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} فاطر: ١٠ .
وقد ذكر البغوي وأبو الفرج ابن الجوزي وغيرهما في قوله: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} الزخرف: ٨٦ قولين:
أحدهما: أن المستثنى هو الشافع، ومحل من الرفع.
والثاني: هو المشفوع له.
قال أبو الفرج: في معنى الآية قولان:
أحدهما: أنه أراد بـ {الَّذِينَ يَدْعُونَ