ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى ".
فعلم أنه أراد بتثنية اللفظ: جنس التعداد والتكرار، لا الاقتصار على مرتين، فإن الاثنين أول العدد الكثير. فذكر أول الأعداد يعنى أنه عدد هذا اللفظ، لم يقتصر على مرة واحدة، فالتثنية التعديد، والتعديد يكون للأقسام المختلفة.
وليس في القرآن تكرار محض، بل لابد من فوائد في كل خطاب.
فـالمتشابه في النظائر المتماثلة، و المثاني في الأنواع. وتكون التثنية في المتشابه، أي هذا المعنى قد ثنى في القرآن لفوائد أخر.
فـالمثاني تعم هذا وهذا. وفاتحة الكتاب: هي السبع المثاني لتضمنها هذا وهذا، وبسط هذا له موضع آخر.
والمقصود هنا أن قوله: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} قد تم الكلام هنا، فلا يملك أحد من المعبودين من دون الله الشفاعة البتة، ثم استثنى: {إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} الزخرف: ٨٦ ، فهذا استثناء منقطع. والمنقطع يكون في المعنى المشترك بين المذكورين. فلما نفى ملكهم الشفاعة، بقيت الشفاعة بلا مالك لها.
كأنه قد قيل: فإذا لم يملكوها، هل يشفعون في أحد؟ فقال: نعم {مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
وهذا يتناول الشافع والمشفوع له، فلا يشفع إلا من شهد بالحق وهم يعلمون، فالملائكة والأنبياء والصالحون وإن كانوا لا يملكون الشفاعة لكن إذا أذن الرب لهم شفعوا، وهم لا يؤذن لهم إلا في الشفاعة للمؤمنين، الذين يشهدون أن لا إله إلا الله، فيشهدون بالحق وهم يعلمون، لا يشفعون لمن قال هذه الكلمة تقليداً للآباء والشيوخ، كما جاء الحديث الصحيح: " إن الرجل يسأل في قبره: