في النار، يقولون: ربنا، كانوا يصومون معنا، ويصلون، ويحجون. فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار " وذكر تمام الحديث.
وسبب نزول الآية على ما ذكروه مؤيد لما ذكره.
قال أبو الفرج ابن الجوزى: سبب نزولها: أن النضر بن الحارث ونفراً معه قالوا: إن كان ما يقول محمد حقا، فنحن نتولى الملائكة، فهم أحق بالشفاعة من محمد، فنزلت هذه الآية. قاله مقاتل.
وعلى هذا، فيقصد أن الملائكة وغيرهم لا يملكون الشفاعة، فليس توليكم إياهم، واستشفاعكم بهم بالذي يوجب أن يشفعوا لكم؛ فإن أحداً ممن يدعى من دون الله لا يملك الشفاعة، ولكن {مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} فإن الله يشفع فيه.
فالذي تنال به الشفاعة هي الشهادة بالحق، وهي شهادة أن لا إله إلا الله، لا تنال بتولى غير الله؛ لا الملائكة، ولا الأنبياء ولا الصالحين.
فمن والى أحداً من هؤلاء ودعاه، وحج إلى قبره، أو موضعه، ونذر له، وحلف به، وقرب له القرابين ليشفع له، لم يغن ذلك عنه من الله شيئاً، وكان من أبعد الناس عن شفاعته وشفاعة غيره؛ فإن الشفاعة إنما تكون لأهل توحيد الله، وإخلاص القلب والدين له، ومن تولى أحدا من دون الله فهو مشرك.
فهذا القول والعبادة الذي يقصد به المشركون الشفاعة يحرم عليهم الشفاعة، فالذين عبدوا الملائكة والأنبياء والأولياء والصالحين، ليشفعوا لهم، كانت عبادتهم إياهم وإشراكهم بربهم، الذي به طلبوا شفاعتهم، به حرموا شفاعتهم، وعوقبوا بنقيض قصدهم؛ لأنهم أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا.