أو يفهم بعض ما يقولونه أو أكثره أو كله مع عدم تصوره في تلك الحال لحقيقة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وما يعرف بالعقول السليمة وما قاله سائر العقلاء مناقضا لما قالوه وهو إنما وصل إلى منتهى أمرهم بعد كلفة ومشقه واقترن بها حسن الظن فتورط من ضلالهم فيما لا يعلمه إلا الله.
ثم أن تداركه الله بعد ذلك كما أصاب كثيرا من الفضلاء الذين أحسنوا بهم الظن ابتداء ثم انكشف لهم من ضلالهم ما أوجب رجوعهم عنهم وتبر أهم منهم بل وردهم عليهم وإلا بقى في الضلال.
وضلالهم في الإلهيات ظاهر لأكثر الناس ولهذا كفرهم فيها نظار المسلمين قاطبة وإنما المنطق التبس الأمر فيه على طائفة لم يتصوروا حقائقه ولوازمه ولم يعرفوا ما قال سائر العقلاء في تناقضهم فيه.
واتفق أن فيه أمورا ظاهرة مثل الشكل الأول ولا يعرفون أن ما فيه من الحق لا يحتاج إليهم فيه بل طولوا فيه الطريق وسلكوا الوعر والضيق ولم يهتدوا فيه إلى ما يفيد التحقيق.
وليس المقصود في هذا المقام بيان ما أخطأوا في إثباته بل ما أخطأوا في نفيه حيث زعموا أن العلم النظري لا يحصل إلا ببرهانهم وهو من القياس.
تلازم قياس الشمول وقياس التمثيل وبيانه بالأمثلة:
وجعلوا أصناف الحجج ثلاثة القياس والاستقراء والتمثيل وزعموا أن التمثيل لا يفيد اليقين وإنما يفيده القياس الذي تكون مادته من القضايا التي ذكروها.
وقد بينا في غير هذا الموضع أن قياس التمثيل وقياس الشمول متلازمان وأن ما حصل بأحدهما من علم أو ظن حصل بالآخر مثله إذا كانت المادة واحدة