تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} فهذا حال من سوى المخلوقات برب العالمين فكيف حال من فضل كل مخلوق على رب العالمين.
وإذا قيل هم لم يفهموا ولم يقصدوه قيل ونحن لم نقل أنهم تعمدوا مثل هذا الباطل لكن هذا لازم قولهم وهو دليل على غاية فساده وغاية جهلهم بالله تعالى وأنهم أضل من اليهود والنصارى ومشركي العرب وأمثالهم من المشركين الذين يعظمون الخالق أكثر من تعظيم هؤلاء المعطلين:
فان كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وان كنت تدري فالمصيبة أعظم
كون لفظ التركيب مجملا يطلق على معان:
وما فروا منه من التركيب قد تكلمنا عليه في غير هذا الموضع وبينا أن لفظ التركيب مجمل يراد به تركيب الجسم من أجزاء كانت متفرقة فاجتمعت كتركيب السكنجبين وغيره من الأدوية بل ومن الأطعمة والأشربة والملابس والمساكن من أجزائها التي كانت متفرقة فألف بينها وركب بعضها مع بعض حتى صارت على الحال المركبة.
وقد يراد ب المركب ما لا يمتزج فيه احد الاثنين بالآخر كما يقال ركب الباب في موضعه وركب المسمار في الباب وهذا التركيب اخص من الأول وهو المشهور من الكلام وقد قال تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} ومعلوم أن عاقلا لا يقول أن الله تعالى مركب بهذا المعنى الأول ولا بالثاني.
وقد يقال المركب على ما يمكن مفارقة بعض أجزائه لبعض كأخلاط الإنسان وأعضائه فإنها وان لم يعقل أنها كانت مفترقة فاجتمعت بل خلقه الله