وكم قلت:
يا قوم انتم على ... شفا جرف من كتاب الشفا
فلما استهانوا بتنبيهنا ... رجعنا إلى الله حتى كفى
فماتوا على دين رسطالس ... وعشنا على ملة المصطفى
وكلامه في مشكوة الأنوار وفي كيمياء السعادة هو قول هؤلاء ولهذا يذكر أن صاحب الرياضة قد يسمع كلام الله كما سمعه موسى بن عمران عليه السلام وأمثال هذه الأقاويل التي أنكرها علماء المسلمين العارفين بما جاء به الرسول من الكتاب والسنة من الطوائف كلها من أصحاب الشافعي ومالك وأبي حنيفة واحمد بن حنبل والصوفية المحققين المتبعين للرسول وأهل الحديث ونظار أهل السنة.
وقد أنكر عليه طائفة من أهل الكلام والرأي كثيرا مما قاله من الحق وزعموا أن طريقة الرياضة وتصفية القلب لا تؤثر في حصول العلم واخطأوا أيضا في هذا النفي بل الحق أن التقوى وتصفية القلب من أعظم الأسباب على نيل العلم.
لكن لا بد من الاعتصام بالكتاب والسنة في العلم والعمل ولا يمكن أن أحدا بعد الرسول يعلم ما اخبر به الرسول من الغيب بنفسه بلا واسطة الرسول ولا يستغني أحد في معرفة الغيب عما جاء به الرسول وكلام الرسول مبين للحق بنفسه ليس كشف أحد ولا قياسه عيارا عليه فما وافق كشف الإنسان وقياسه وافقه وما لم يكن كذلك خالفه بل ما يسمى كشفا وقياسا هو مخالف للرسول فهذا قياس فاسد وخيال فاسد وهو الذي يقال فيه نعوذ بالله من قياس فلسفي وخيال صوفي.
والإنسان قد يصفي نفسه ويلقى الشيطان في نفسه أشياء فان لم يعتصم بالذكر المنزل وإلا اقترن به الشيطان كما قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} وقوله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} .
الفرق بين طرق متكلمي الإسلام وطرق المناطقة الفلاسفة:
فإن قيل ما ذكره أهل المنطق من حصر طرق العلم يوجد نحو منه في كلام متكلمي