تفهم وَقد ذكر أَبُو حَيَّان عَليّ بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس التوحيدي قَالَ ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّبَرِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا الْحسن الْأَشْعَرِيّ وَهُوَ ينَاظر الخالدي وَأنْشد فِي آخر كَلَامه ... جنونك مَجْنُون فلست بواجد
طَبِيبا يداوي من جُنُون جُنُون ...
وَأما قَوْله لم يظْهر بالْكلَام فَلفظ مختل المعني والنظام فَلَو قَالَ لم يظْهر الْكَلَام أَو لم يتظاهر وَلكنه غير بَصِير فِي قَوْله بِوَجْه الانتظام
وَأما قَوْله لم تكن للأشعري منزلَة فِي الْعلم وَالْقُرْآن وَالْفِقْه والْحَدِيث
فكذب معاد قد كثر تكراره وترداده من هَذَا الْجَاهِل الْخَبيث
أما علم الْقُرْآن فقد صنف فِيهِ التَّفْسِير الَّذِي لَا يخْتَلف فِي جلالة قدره
وَأما الْعلم بالأصول فَكَانَ فِيهِ بِإِجْمَاع الْعلمَاء أوحد عصره
وَأما علم الْفِقْه فقد كَانَ يذهب فِيهِ مَذْهَب الشَّافِعِي أَو مَذْهَب مَالك وَأهل الْمَدِينَة وصنف فِي أُصُوله كتبا شحنها بالأدلة المبينة
وَأما علم الحَدِيث فقد سمع مِنْهُ قدر مَا تَدعُوهُ الْحَاجة إِلَيْهِ وَحصل مِنْهُ مَا يسع الِاعْتِمَاد فِي الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ وَقد روى فِي تَفْسِيره حَدِيثا كثيرا عَن سهل بن نوح الْبَصْرِيّ ومُحَمَّد بن يَعْقُوبَ الْمقري وعَبْد الرَّحْمَنِ بن خلف الضَّبِّيّ وَأبي خَليفَة الْفضل بن الْحباب الجُمَحِي وَأبي يَحْيَى زَكَرِيَّا بن يَحْيَى السَّاجِي وَغَيرهم وَإِنَّمَا لم ينشر عَنهُ الحَدِيث بالرواية لِأَنَّهُ كَانَ قد قصر همته على الدِّرَايَة وصرفها إِلَى مَا تقوى بِهِ الْأُصُول فَلهَذَا عز إِلَى حَدِيثه الْوُصُول وليت شعري مَا معني تفرقته بَين الْعلم وَمَا ذكر بعده كَأَن الْقُرْآن وَالْفِقْه والْحَدِيث غير الْعلم عِنْده وَقد كَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول فِي الْعلم