الله وتحريفه فَلَا يوثق بِالَّذِي فِي يَده مِمَّا يدعى أَنه كتاب الله لعدم الثِّقَة بِهِ ولقلة مبالاته بِالدّينِ
وَأَيْضًا فَلَعَلَّهُ قد حرفه كُله أَو أَكْثَره
وَكَذَلِكَ يقرونَ وَلَا يُنكرُونَ أَن طَائِفَة مِنْهُم يُقَال لَهُم السامرية حرفوا التَّوْرَاة تحريفا بَينا كثيرا والسامرية يدعونَ عَلَيْهِم مثل ذَلِك التحريف
وَكَذَلِكَ النَّصَارَى أَيْضا يَدْعُو على الْيَهُود أَنهم حرفوا فِي التَّوْرَاة التَّارِيخ ويزعمون أَنهم نَقَصُوا من تَارِيخ آدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألف سنة وَنَحْو الْمِائَتَيْنِ
وَهَذِه إحتمالات توجب على الْعَاقِل التَّوَقُّف فَلَا يَدعِي حُصُول الْعلم بِنَقْل التَّوْرَاة مَعَ انقداح هَذِه الممكنات إِلَّا مجاهر متعسف
فَإِن قيل كَيفَ يَصح أَن يُقَال هَذَا وَقد كَانَ الْأَنْبِيَاء بعد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يحكمون بِالتَّوْرَاةِ ويرجعون إِلَيْهَا وَاحِدًا بعد وَاحِد إِلَى زمن يحيى وَعِيسَى
ثمَّ بعد ذَلِك تناقلها النَّصَارَى كَمَا تناقلها الْيَهُود خلفا عَن سلف إِلَى الْيَوْم وَإِن جَازَ تطرق التحريف إِلَى مَا هَذَا سَبيله فَيلْزم عَلَيْهِ أَن يحكم الْأَنْبِيَاء بِالْبَاطِلِ
وَيلْزم عَلَيْهِ أَيْضا أَن يقرُّوا على الْبَاطِل غَيرهم وَهَذَا كُله بَاطِل على الْأَنْبِيَاء وَيلْزم عَلَيْهِ أَيْضا أَن لَا يحصل الْعلم بِخَبَر متواتر وَلَا يوثق بِكِتَاب يدعى أَنه جَاءَ عَن نَبِي
فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
إِنَّا لم نعين لوُقُوع التحريف فِيهَا زَمَانا وَلَا عينا من حرف مِنْهَا شَيْئا وَلَا من ألحق بهَا شَيْئا فَيحْتَمل أَن يَقع التحريف فِيهَا قبلهم أَو بعدهمْ وَإِنَّمَا أبدينا تِلْكَ الإحتمالات ليعلم أَن الَّذِي فِي نفوسكم من الثِّقَة بهَا إِنَّمَا هُوَ إعتقاد جزم وَلَيْسَ بِعلم
وَمِمَّا يدل على قبُول تِلْكَ الإحتمالات وَأَنَّهَا قادحة فِي دَعْوَى الْعلم