غَيرهم حَتَّى كَانُوا يتعجبون مِنْهُ وَيَقُولُونَ مَا رَأينَا بِالَّذِي هُوَ أفْصح مِنْهُ وَهَذَا مَعْلُوم عِنْد الفصحاء الْعَرَب العرباء
وَيقف على معرفَة ذَلِك بالذوق والمشاهدة من كَانَ عَارِفًا بِلِسَان الْعَرَب ولغتهم ووقف على شَيْء من كَلَامه مَعَهم ومجاوبتهم
وَأما نسبه
فمعلوم لَا يجهل ومشهود لَا يُنكر جده الْأَعْلَى إِبْرَاهِيم وَالْأَقْرَب عبد الْمطلب كَابِرًا عَن كَابر وشريفا عَن شرِيف فهم بَين أنبيائه فضلاء وَبَين شرفاء حكماء وَهَذَا كُله مُسلم لَا يمْنَع ومقبول لَا يدْفع فَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خير قُرُون بني آدم قرنا فقرنا وَذَلِكَ أَن الله اصْطفى من ولد آدم إِبْرَاهِيم وَاصْطفى من ولد إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل كَمَا قد شهِدت التَّوْرَاة وَغَيرهَا بذلك وَاصْطفى من ولد إِسْمَاعِيل بني كنَانَة وَاصْطفى من بني كنَانَة قُريْشًا وَاصْطفى من قُرَيْش بني هَاشم واصطفاه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بني هَاشم فَهُوَ خِيَار من خِيَار من خِيَار وَكَذَلِكَ الرُّسُل صلى الله عَلَيْهِم وَسلم تبْعَث فِي أشرف أَنْسَاب قَومهَا صلى الله عَلَيْهِم ذَلِك ليَكُون أميل لقلوب الْخلق إِلَيْهِم وَالله أعلم
وَأما عزة قومه
فقد كَانُوا فِي جاهليتهم لم ينلهم سباء وَلَا ظَفرت بهم أَعدَاء وَلَا دخلُوا فِي أغلب أزمانهم تَحت قهر غَيرهم بل كَانُوا قد حازوا الشّرف الباهر والمفاخر والمآثر هم أوفر النَّاس عقولا وَأَقلهمْ فضولا وأفصح النَّاس مقَالا وَأكْرمهمْ فعالا الشجعان الكرماء والحكماء الأدباء
أما سفساف الْأَخْلَاق ودنيها
فهم مبرأون عَنْهَا وَأما حسنها وَعَلَيْهَا فهم أحرص النَّاس عَلَيْهَا والموصوفون بهَا وَكفى دَلِيلا على ذَلِك مَا علم من حسن جوابهم وكريم عمودهم وعميم بذلهم وجودهم وكل هَذَا من أَوْصَافه مَعْرُوف وَالْغَالِب مِنْهُم بذلك مَوْصُوف وَحقّ لقائلهم أَن يَقُول ... لنا الشّرف الَّذِي يطأالثريا
مَعَ الْفجْر الَّذِي بهر الْعباد ...
وَأما أرضه
فناهيك من أَرض أسس بقيتها إِبْرَاهِيم الْخَلِيل وَأمره بِأَن بدعو النَّاس إِلَيْهَا الْملك الْجَلِيل وَتَوَلَّى عمارتها وَالْمقَام بهَا النَّبِي إِسْمَاعِيل وتوارثها الْأَشْرَاف جيلا بعد جيل وَكفى بلدته شرفا مَا فعل الله بِملك الْحَبَشَة الَّذِي جَاءَ لهدمها فَلَمَّا قرب مِنْهَا وعزم