وَلَقَد كنت أبْكِي لَهُ رَحْمَة مِمَّا أرى بِهِ وأمسح بيَدي على بَطْنه مِمَّا بِهِ من الْجُوع وَأَقُول نَفسِي لَك الْفِدَاء لَو تبلغت من الدُّنْيَا بِمَا قوتك فَيَقُول يَا عَائِشَة مَالِي وللدنيا إخْوَانِي من أولي الْعَزْم من الرُّسُل صَبَرُوا على مَا هُوَ أَشد من هَذَا فَمَضَوْا على حَالهم فقدموا على رَبهم فأكرمهم مآبهم وأجزل ثوابهم فأجدني أستحيي أَن ترفهت فِي معيشتي أَن يقصرني غَدا دونهم وَمَا شَيْء هُوَ أحب إِلَى من اللحوق بإخواني وأخلاني قَالَت فَمَا أَقَامَ بعد ذَلِك إِلَّا شهرا حَتَّى توفى صلوَات الله عَلَيْهِ
وَلَقَد شكى إِلَيْهِ بعض أَصْحَابه الْجُوع وكشف لَهُ عَن بَطْنه عَن حجر فكشف لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بَطْنه عَن حجرين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَسْلِيمًا وَهَذَا مَعْلُوم قطعا من أَحْوَاله لَا يقدر على جَحده أحد من أعدائه وَلَا أوليائه
وَأما كَثْرَة جوده وَكَرمه
فشيء مَعْرُوف من شيمه فَلَقَد تَوَاتر أَنه كَانَ أكْرم النَّاس وأجودهم حَتَّى أَنه مَا سُئِلَ قطّ شَيْئا فَمَنعه إِذا كَانَ ذَلِك الشَّيْء الْمَسْئُول مِمَّا لَا يمْنَع شرعا
قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَجود النَّاس بِالْخَيرِ وأجود مَا يكون فِي رَمَضَان وَكَانَ أَجود بِالْخَيرِ من الرّيح الْمُرْسلَة
وَلَقَد سَأَلَهُ رجل فَأعْطَاهُ غنما بَين جبلين فَرجع ذَلِك الرجل إِلَى قومه فَقَالَ أَسْلمُوا فَإِن مُحَمَّدًا يعْطى عَطاء من لَا يخْشَى فاقة وَأعْطى أُنَاسًا كثيرين مائَة مائَة من الْإِبِل وَأعْطى صَفْوَان مائَة ثمَّ مائَة وَأعْطى الْعَبَّاس من الذَّهَب مَا لم يطق حمله وسيق لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسعون ألفا فَوضعت على حَصِير ثمَّ قَامَ إِلَيْهَا يقسمها فَمَا رد سَائِلًا حَتَّى فرغ مِنْهُ
وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يرد سَائِلًا جَاءَهُ وَرُبمَا كَانَ السَّائِل لَا يجد عِنْده شَيْئا فَيَأْخُذ لَهُ بِالدّينِ وَيُعْطِيه السَّائِل حَتَّى يَقْضِيه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَقَد جَاءَهُ رجل فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَا عِنْدِي شَيْء وَلَكِن أبتع على بدين فَإِذا جَاءَنَا شَيْء قضيناه فَقَالَ لَهُ عمر مَا كلفك الله مَالا تقدر عَلَيْهِ فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم