هَذِه نُصُوص أَنَاجِيلهمْ ومستند إعتقاداتهم لَيْسَ شَيْء مِنْهَا يدل دلَالَة قَاطِعَة على أَن المصلوب هُوَ الْمَسِيح بِعَيْنِه بل إِذا اعْتبر الْعَاقِل تِلْكَ الحكايات الْمَذْكُورَات ولفق متلفقها وحقق النّظر فِيهَا تفطن لموْضِع الأشكال وتنبه لمثار الشَّك فِيهَا والإحتمال
وَنحن نبين ذَلِك بعون الله فَنَقُول مَا سودناه من أَنَاجِيلهمْ فِيهِ أحتمالات
مِنْهَا
أَن يهوذا كذب للْيَهُود فِي قَوْله هُوَ ذَا فَإِن الْيَهُود كَانَت لَا تعرفه وَلم تَأْخُذهُ إِلَّا بِشَهَادَتِهِ أَنه هُوَ أَلا ترى أَن يهوذا عرفهم إِيَّاه بالعلامة
وَكَذَلِكَ يدل على ذَلِك سُؤَالهمْ عَنهُ وَكَذَلِكَ سُؤال بلاط عَن بَلَده حِين أخبر أَنه من جلجال يدل على أَنه كَانَ لَا يعرفهُ
فَهَذَا كُله يدل على أَنهم كَانُوا لَا يعرفونه وَإِنَّمَا عولوا فِي تَعْيِينه لَهُم على يهوذا فَإِذا ثَبت ذَلِك فَيحْتَمل أَن يكون يهوذا إِنَّمَا أَشَارَ إِلَى غَيره لِأَنَّهُ كَانَ نَدم على بَيْعه كَمَا تقدم نَصه فِي كتبكم
وَيدل على أَنه تَابَ من ذَلِك وَنَدم عَلَيْهِ وَحسنت تَوْبَته قَول عِيسَى لَهُ فِيمَا زعمتم حِين سلم عَلَيْهِ يَا صديق لم أَقبلت وَلَو كَانَ مصرا على الدل عَلَيْهِ وعَلى مَا كَانَ هم بِهِ لما كَانَ يحل لعيسى أَن يَقُول لَهُ يَا صديق فَإِنَّهُ كَانَ يكون كَافِرًا وَلَا يُمكن أَن يَقُول للْكَافِرِ يَا صديق فَإِنَّهُ كذب لِأَن الْكَافِر عَدو فَيلْزم هُنَا أحد ثَلَاثَة أُمُور
أما أَن يكون يهوذا تَابَ فِي ذَلِك الْوَقْت وَنَدم على مَا فرط مِنْهُ فعفى عَنهُ وتوبته لَا تصح فِي تِلْكَ الْحَال أعنى حَال الدّلَالَة عَلَيْهِ إِلَّا بِأَن يعدل عَنهُ وَلَا يدل عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ فعل وَالله أعلم
أَو يكون عِيسَى كَاذِبًا فِيمَا قَالَ لَهُ حَيْثُ أخبر أَنه صديق وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام منزه عَن الْكَذِب
أَو يكون كتابكُمْ بَاطِلا ومحرفا
فَاخْتَارُوا من هَذِه الثَّلَاث وَاحِدَة وَأي شَيْء التزمتم مِنْهَا فَهِيَ مبطلة لقولكم وفاسدة