كتاب «الدقائق» (١) من مقالاتهم بقدر ما يذكرُه الفارابيُّ وابنُ سينا وأمثالهما أضعافًا مضاعفة.
وأهل الإثبات من المتكلِّمين ــ مثل الكُلَّابية والكَرَّامية والأشعرية ــ أكثر اتفاقًا وائتلافًا من المعتزلة، فإن في المعتزلة من الاختلاف وتكفير بعضهم بعضًا ــ حتى يكفِّر التلميذُ أستاذَه ــ من جنس ما بين الخوارج، وقد ذكر من صنَّف في فضائح المعتزلة من ذلك ما يطولُ وصفُه (٢).
ولستَ تجدُ اتفاقًا وائتلافًا إلا بسبب أثارَة (٣) الأنبياء من القرآن
(١). ردَّ فيه على الفلاسفة كثيرًا من مذاهبهم الفاسدة في الأفلاك والنجوم وغيرها, ورجَّح منطق المتكلمين من العرب على منطق اليونان. انظر: المصادر السابقة, وما سيأتي (ص: ٣٢٣). ولم يعثر عليه كذلك.
(٢). انظر: «الفَرْق بين الفِرَق» لأبي منصور البغدادي (٢٤, ١١٤, ١٢٢, ١٨٢, ١٨٦, ١٨٧, ١٩٧) , ومن مصادره فيه وفي كتابه الآخر «فضائح المعتزلة» كتابُ «فضيحة المعتزلة» لابن الراوندي الذي نقض فيه كتاب الجاحظ «فضيلة المعتزلة» وردَّ عليه أبو الحسين الخياط في «الانتصار» وغيره.
وممن له مقامٌ معلوم في هذا الباب أبو الحسن الأشعري, قال ابن تيمية: «فإنه بيَّن من فضائح المعتزلة وتناقض أقوالهم وفسادهم ما لم يبيِّنه غيره ... ». انظر: «منهاج السنة» (٥/ ٢٧٦) , و «التسعينية» (٩٦٠) , و «شرح حديث النزول» (٤٣٤).
(٣). كذا بالأصل, وغُيِّرت في (ط) إلى «اتباع آثار». واستعمال الأثارة بمعنى المأثور والآثار في هذا السياق كثيرٌ في كتب المصنف, كما قال تعالى: {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}. انظر: «الواسطية» (١٠٢) , و «جامع المسائل» (٥/ ٦٠, ٦١) , و «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ٥٢٣, ٢/ ٤٥٨) , و «مجموع الفتاوى» (١٢/ ٣٣, ٢٠/ ٤٢٦) , وما سيأتي (ص: ١٩٦).