العلم يجتهدُ في طلبه مِن طُرقه, ولهذا سُمِّي: مجتهدًا، كما يسمَّى المجتهدُ في العبادة وغيرها: مجتهدًا، كما قال بعض السَّلف: «ما المجتهدُ فيكم إلا كاللاعب فيهم» (١).
وقال أُبيُّ بن كعب وابنُ مسعود: «اقتصادٌ في سُنَّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة» (٢).
وقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اجتهد الحاكمُ فأصابَ فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر» (٣).
وقال معاذُ بن جبل ــ ويروى مرفوعًا, وهو محفوظٌ عن معاذ ــ: «عليكم بالعلم, فإن تعلُّمه خشية، وطلبَه عبادة، ومذاكرَته تسبيح، والبحثَ عنه جهاد، وتعليمَه لمن لا يَعْلَمُه صدقة، وبذلَه لأهله قربة» (٤) , فجَعَل الباحثَ عنه مجاهدًا في سبيل الله.
ولمَّا كانت المحاجَّةُ لا تنفعُ إلا مع العدل، قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا
(١). أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (١٧٩) , وأبو خيثمة في «العلم» (٦٩) عن مجاهد. وأخرجه ابن أبي شيبة (١٩/ ٣٠٨) , وأحمد في «الزهد» (٢٢٦٨) عن مجاهد عن عبيد بن عمير.
(٢). أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٠/ ٢٠٧) , وابن بطه في «الإبانة» (١/ ٣٢٩, ٣٥٨) وغيرهما عن ابن مسعود. وأخرجه اللالكائي في «أصول اعتقاد أهل السنة» (١١٥) عن أبي الدرداء.
(٣). أخرجه البخاري (٧٣٥٢) , ومسلم (١٧١٦).
(٤). تقدم تخريجه (ص: ٥٢)، وانظر: (ص: ٦٣).