في القرآن مثل لفظ «الكُفؤ، والندِّ، والسَّمِيِّ» , وقال: «منهم من لا يتحاشى من التمثيل» ونحوه= لكان قد ذَمَّ بقولٍ نفاه الله في كتابه، ودلَّ القرآنُ على ذمِّ قائله, ثم يُنْظَر: هل قائلُه موصوفٌ بما وصفَه به من الذمِّ أم لا؟
فأما الأسماء التي لم يَدُلَّ الشَّرعُ على ذمِّ أهلها ولا مدحِهم، فيُحْتَاجُ فيها إلى مقامين:
أحدهما: بيان المراد بها.
والثاني: بيان أن أولئك مذمومون في الشَّريعة.
والمعترض عليه له أن يمنعَ المقامين (١)، فيقول: لا نُسَلِّمُ أن الذين عنيتَهم داخلون في هذه الأسماء التي ذَمَمْتَها, ولم يَقُم دليلٌ شرعيٌّ على ذمِّها، وإن دخلوا فيها فلا نُسَلِّمُ أن كلَّ من دخل في هذه الأسماء فهو مذمومٌ في الشَّرع.
الثاني (٢): أن هذا الضربَ الذين قلتَ: «إنه لا يتحاشى من الحشو والتشبيه والتجسيم» إما أن تُدْخِلَ فيه مُثْبِتَة الصِّفات الخبرية التي دلَّ عليها الكتابُ والسُّنة، أو لا تُدْخِلَهم.
فإن أدخلتَهم كنتَ ذامًّا لكلِّ من أثبت الصِّفات الخبرية، ومعلومٌ أن هذا مذهبُ عامَّة السَّلف ومذهبُ أئمَّة الدين, بل أئمَّة المتكلِّمين يُثْبِتُون الصِّفات الخبرية في الجملة وإن كان لهم فيها طرقٌ, كأبي سعيد بن كُلَّاب (٣)، وأبي
(١) الأصل: «يمنعه المقامان».
(٢) من الأمور الباطلة في كلام العز المتقدم.
(٣) عبد الله بن سعيد القطان, من رؤوس المتكلمين, كان حيًّا قبل سنة ٢٤٠. وإليه تنسبُ الكُلابية, وبطريقته اقتدى أبو الحسن الأشعري. انظر: «السير» (١١/ ١٧٤) , و «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ٦٩) , و «الاستقامة» (١/ ١٠٥) , و «التدمرية» (١٩١).