آمنوا واليهود والنصارى والصابئة المهتدين, وجنسَ النفي على غير المتَّبعين للرُّسل أغلب من المشركين والصَّابئة المبتدعة.
وقد ذكرنا في غير هذا الجواب مذهبَ سلف الأمَّة وأئمَّتها بألفاظها وألفاظ مَن نقل ذلك من جميع الطوائف (١)، بحيثُ لا يبقى لأحدٍ من الطوائف اختصاصٌ بالإثبات.
ومن ذلك ما ذكره شيخُ الحرمين أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكَرَجِي (٢)،
في كتابه الذي سمَّاه «الفصول في الأصول عن الأئمَّة الفحول إلزامًا لذوي البدع والفُضول» (٣)، وكان من أئمَّة الشَّافعية، ذكَر فيه مِن كلام
(١). في «الفتوى الحموية» , كما تقدم (ص: ٢١٥).
(٢). إمامٌ ورعٌ عاقلٌ فقيهٌ مفتٍ محدِّثٌ أديب (ت: ٥٣٢) , إلا أني لم أر من ذكر أنه جاور بمكة والمدينة كما يفهم من لقب «شيخ الحرمين» , ولم أر المصنف ذكر ذلك في باقي تصانيفه. انظر: «الأنساب» (١٠/ ٣٨١) , و «المنتظم» (١٠/ ٧٥) , و «طبقات الشافعية» لابن الصلاح (١/ ٢١٥) , و «تاريخ الإسلام» (١١/ ٥٧٨).
وله قصيدةٌ بائية في السنة واعتقاد السلف قرأها عليه السمعاني, وغصَّ بها التاج السبكي فزعم في «طبقات الشافعية» (٦/ ١٤١) أنها موضوعة, وتسمى «عروس القصائد وشموس العقائد» , منها نسخة بخط ابن الصلاح كما في «مجموع الفتاوى» (٣/ ٢٦٥) , وكتب عليها بخطه: «هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث» كما في «العلو» للذهبي (٢٣٦) , ويرويها ابن حجر بالإجازة كما في «تجريد أسانيد الكتب المشهورة» (٤٠٩).
(٣). ذكره ابن كثير في «البداية والنهاية» (١٦/ ٣١٧) و «طبقات الشافعية» (٢/ ٥٧٢) , ونقل عنه المصنف في «جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية» (١٦٩) , و «مجموع الفتاوى» (٤/ ١٨١, ١٢/ ١٦٠, ٣٠٦) والمصادر التالية, ولم أر من نقل عنه غيره, وهو من دلائل سعة اطلاعه, حتى إن الدمياطي وتقي الدين السبكي وهما شافعيان لم يعرفا ترجمة أبي الحسن الكرجي ولا زمانه, كما في رسالة «معنى قول الإمام المطلبي» للسبكي (٩٥).