فغَلَوا، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدًى مستقيم» (١).
فصل
وأما كونُهم (٢) أعلمَ ممَّن بعدهم وأحكَم، وأن مخالفَهم أحقُّ بالجهل والحَشْو, فنبيِّنُ ذلك بالقياس المعقول من غير احتجاجٍ بنفس الإيمان بالرسول, كما قال الله: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} , فأخبر أنه سَيُرِيهم الآياتِ المرئيَّة المشهودة حتى يتبيَّن لهم أن القرآن حقٌّ، ثم قال: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} فصلت: ٥٣ أي: بإخبار الله ربِّك في القرآن وشهادته بذلك.
فنقول: من المعلوم أن أهل الحديث يشاركون كلَّ طائفةٍ فيما يتحلَّون به من صفات الكمال ويَمْتَازُون عنهم بما ليس عندهم، فإن المنازع لهم لا بدَّ أن يَذْكُر فيما يخالفُهم فيه طريقًا أخرى، مثل المعقول والقياس والرَّأي
(١). «ذم التأويل» (٦٧) , وذكره كذلك في «البرهان في بيان القرآن» (٨٩). وأخرجه ابن بطه في «الإبانة» (٤/ ٢٤٧) , والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (١/ ٥٥٥). وانظر: «العلو» (٣٨٦) , و «سير أعلام النبلاء» (٧/ ٣١١, ٣١٢).
والمشهور روايته عن عمر بن عبد العزيز, كتب به إلى عاملٍ سأله عن القدر, أخرجه أحمد في «الزهد» (٤٩٨) , وأبو داود في «السنن» (٤٦١٢) , وابن وضاح في «البدع» (٧٤) , والفريابي في «القدر» (٤٤٥) , والآجري في «الشريعة» (٥٢٩) , وابن بطه في «الإبانة» (١/ ٣٢١, ٤/ ٢٣١) , وأبو نعيم في «الحلية» (٥/ ٣٣٨) , وأبو إسماعيل الأنصاري في «ذم الكلام» (٨٠٤).
(٢). أي السلف وأصحاب الحديث.