وكذلك في أيام المعتضِد والمهتدي (١) والقادر وغيرهم من الخلفاء الذين كانوا أحمدَ سيرةً وأحسنَ طريقةً من غيرهم, لمَّا كان (٢) الإسلامُ في زمنهم أعزَّ كانت السُّنة بحسب ذلك.
وفي دولة بني بُوَيْه ونحوهم الأمرُ بالعكس، فإنهم كان فيهم أصنافُ المذاهب المذمومة, قومٌ منهم زنادقة، وفيهم قرامطةٌ كثيرةٌ ومتفلسفةٌ ومعتزلةٌ ورافضة, وهذه الأشياء كثيرةٌ فيهم غالبةٌ عليهم (٣) , فحصل في الإسلام (٤) والسُّنة في أيامهم من الوَهَن ما لم يُعْرَف، حتى استولى النصارى على ثغور الإسلام وانتشرت القرامطةُ في أرض مصر والمغرب والمشرق وغير ذلك, وجرت حوادثُ كثيرة.
ولما كانت مملكةُ محمود بن سُبُكْتِكِين من أحسن ممالك بني جنسه كان الإسلامُ والسُّنةُ في مملكته أعزَّ، فإنه غزا المشركين من أهل الهند، ونشر من العدل ما لم ينشره مثلُه، فكانت السُّنة في أيامه ظاهرةً والبدعُ في أيامه مقموعة.
وكذلك السلطانُ نور الدين محمود (٥) الذي كان بالشام, عزَّ الإسلامُ
(١) الأصل: «والمهدي». وهو تحريف, فالمهدي متقدمٌ عن زمن هؤلاء, وقد سبق ذكره (ص: ٣٢). وانظر: «جامع المسائل» (٥/ ١٤٦).
(٢) الأصل: «وكان». والمثبت أليق بالسياق.
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٤/ ٤٧٨, ١٣/ ١٧٧, ٢٧/ ١٦٧, ٤٦٦, ٢٨/ ٤٩١).
(٤) أي: دولة الإسلام. وأصلحت في (ط) إلى: «أهل الإسلام» , وليس في العبارة ما يقتضيه. وانظر: «منهاج السنة» (٦/ ٣٧٢).
(٥) بن زنكي, الملك العادل (ت: ٥٤٩). انظر: «مجموع الفتاوى» (١٣/ ١٧٨).