لَيَضِلُّونَ (١) بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الأنعام: ١١٩ , وقال: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} القصص: ٥٠.
ولهذا تجدُ اليهودَ يُصَمِّمُون بباطلهم (٢) لما في نفوسهم من الكِبْر والحسد والقسوة وغير ذلك من الأهواء, وأما النصارى فأعظمُ ضلالًا منهم وإن كانوا في العبادة (٣) والأخلاق أقلَّ منهم شرًّا فليسوا جازمين بغالب ضلالهم، بل عند الاعتبار تجدُ من ترك الهوى من الطائفتين ونظر نوعَ نظرٍ تبيَّن له أن الإسلام حقٌّ.
والمقصودُ هنا أن معرفةَ الإنسان بكونه يَعْلَمُ أو لا يَعْلَمُ مرجعُه إلى وجود نفسِه عالمةً. ولهذا لا نحتجُّ على مُنكِر العلم إلا بوجودنا (٤) نفوسَنا عالمةً، كما احتجُّوا على منكري الأخبار المتواترة بأنا نجدُ نفوسَنا عالمةً بذلك وجازمةً به كعلمِنا وجزمِنا بما أحسَسْناه، وجعَل المحقِّقون وجودَ العلم بمُخْبَر الإخبار هو الضابط في حصول التواتر، إذ لم يحدُّوه بعددٍ ولا صفةٍ بل متى حصل العلمُ كان هو المعتبر (٥).
(١) على قراءة أبي عمرو, كما سيأتي (ص: ٢٦٣).
(٢) أي يجزمون به. وفي (ط): «يصممون ويصرون على باطلهم».
(٣) الأصل: «العادة». تحريف. وانظر: «الجواب الصحيح» (٣/ ١٠٢, ١٠٩, ٢٢٠, ٤/ ٣٨٥) , و «منهاج السنة» (٢/ ١٢) , و «الرد على الشاذلي» (١٧٩) , و «مجموع الفتاوى» (١٣/ ١٠٠, ١٥/ ٤٣٤, ١٩/ ٢٧٧).
(٤) سيأتي نظير هذا الاستعمال (ص: ٦٤).
(٥) انظر: «النبوات» (١٠٣٩) , و «درء التعارض» (٨/ ٤٣) , و «الاستقامة» (١/ ٢٩) , و «مجموع الفتاوى» (٦/ ٥٩١, ١٨/ ٤٠, ٤٨, ٥٠, ٥١, ١٨/ ٧٠).