كما أن النصارى متفقون على أن جسد المسيح لم يكن من اللاهوت، بل هو مخلوق، ثم يقولون: المعنى القديم لما أنزل بهذه الحروف المخلوقة، فمنهم من يسمي الحروف كلام الله حقيقة، كما يسمي المعنى كلام الله حقيقة، ومنهم من يقول: بل هي كلام الله مجازًا، كما أن النصارى منهم من يجعل لاهوتًا حقيقة لاتحاده باللاهوت واختلاطه به، ومنهم من يقول: هو محل اللاهوت ودعاؤه، ثم النصارى تقول: هذا الجسد إنما عبد لكونه مظهر اللاهوت وإن لم يكن هو إياه، ولكن صار هو إياه بطريق الاتحاد، وهو محله بطريق الحلول، فعظم ذلك، وهم لا يقولون: هذه الحروف ليست من كلام الله ولا يجوز أن يتكلم الله بها، ولا يكلم بها، بل لا يدخل في ذرته أن يتكلم بها، ولكن خلقها فأظهر بها المعنى القديم ودل بها عليه، فاستحقت الإكرام والتحريم لذلك. . . (1).
وإلى هذا الإلزام أشار ابن القيم -رحمه الله- بقوله:
يا قوم قد غلط النصارى قبل في
... معنى الكلام وما اهتدوا لبيان
ولأجل ذا جعلوا المسيح إلههم
... إذ قيل كلمة خالق رحمن
ولأجل ذا جعلوه ناسوتًا ولا
... هوتًا قديمًا بعد متحدان
ونظير هذا من يقول كلامه
... معنى قديم غير ذي حدثان
والشطر مخلوق وتلك حروفه
... ناسوته لكن هما غيران
فانظر إلى ذي الاتفاق فإنه
... عجب وطالع سنة الرحمن (2)
2 - يلزم من قول المخالف أن يكون هناك قرآنان.
هذا المصحف الذي بأيدي المسلمين، المقروء بالألسنة المحفوظ بالصدور، وهو -بزعمهم- ليس بكلام الله، وإنما هو عبارة أو حكاية عن كلام الله، وتسميته قرآنًا أو كلامًا مجازٌ، وهذا مخلوق عندهم.
والمعنى القديم القائم بالنفس، وهذا هو الكلام الحقيقي عندهم ولا يكون بحروف وأصوات مسموعة، وهو معنى واحد في الأزل لا انقسام