الحكم في صور العلة؛ بل عدم الحكم يدلُّ على عدم كمال الأسباب المقتضية له؛ إما عدم عِلَّته، أو جزءٍ من أجزائها، أو قَيْدٍ من قيودها، أو وجود مانِعِه، أو عدمِ بعضِ شروطه. فإذا كان عدمُ الحكم يستلزمُ أحدَ هذه الأمور من غير تعيينٍ، فلِمَ ادَّعَيْتَ أنه يستلزم عدمَ وجوبِ وجود الحكم في صورة العلة؟
وأيضًا فقوله: «يمنع الوجوبَ في كلِّ صورة من صور وجود العلة».
أو يقال (١) له: يمنع أن هذا هو الأصل في العلة، وأن هذا مقتضى كون العِلَّة علةً، أو يمنع لزوم وقوع هذه المقارنة؟
فإن قال: امتنع لأن (٢) العلةَ من حيثُ هي علة توجبُ وجودَ الحكم.
قيل له: ق ٢٠٢ هذا خروجٌ عن حدودِ العقل، فإنه إذا لم تكن حقيقتُها مقتضيةً للحكم، كان الحكم حاصلًا بغيرها وبدون وجودها، وحينئذٍ فلا معنى لتسميتها عِلة.
ثم يقال له: هذا يُفْسِد عليكَ القياس، لأنَّا هب أنَّا سلَّمنا لك أن المشتركَ علة، لكن لا نُسَلِّم الحكمَ في الفرع؛ لأن العلَّة لا تقتضي الحكمَ ولا توجِبُه، فلا يلزم من حصولها في الفرع حصول الحكمِ.
واعلم أنَّ اقتضاءَ العلةِ المعلولَ أمرٌ فطريّ ضروري، والمنازعةُ فيه منازعةٌ في الضروريات، كالمنازعة في اقتضاءِ الدليل المدلول.
وإن قال: أُسَلِّم أنها توجبه وتقتضيه من حيث هي هي، لكن لا يلزم
(١) الأصل: «فقال»!
(٢) تحتمل: «امتنع أن».