مطلقًا.
فإن قال: إنّا نرى الناسَ يحرصون على جمع المال ويصونونه عن أسباب التَّلَف والزوال.
قلنا: إنما يصونونه إذا تلف ضائعًا إما بِحَرق أو غرق ونحو ذلك، أما سلامته عن الزوال بالإعطاء للجنس، فلا نُسَلِّم أنه مطلوب لهم.
فإن قيل: هو مطلوبٌ لهم أو لأكثرهم، فإنَّ أحدَهم إذا خُيِّر بين أن يعطي أو لا يُعطي، كان حفظُ ماله أحبَّ إليه.
قلنا: هذا مُعارَض بمن إذا خُيِّر بين الإعطاء وعدمه، كان الأعطاءُ مطلوبَه ومقصودَه، كما قيل:
تراه إذا ما جئتَه متهلِّلًا ... كأنَّك تُعطيه الذي أنت نائلُه (١)
ولو لم يكن في كفِّه غير روحِه ... لجاد بها فَليتق اللهَ سائلُه (٢)
وهذه من طباع الأسخياء و (٣) الأجواد غير منكورة ولا مدفوعة، وإنهم يتلذَّذون بالعطاء، ويرون سلامة (٤) المال عنه مصيبة وبلاء.
فإن قيل: هؤلاء مغمورون بالنسبة إلى الجمهور، والاعتبار عند التعارض بالأكثر.
(١) في الأصل: «سائله»، وعلق في الهامش: لعله نائله، أقول: وهو الصواب.
(٢) البيتان لعبد الله بن الزبير الأسدي، كما في «الأغاني»: (١٤/ ٢٢٠).
(٣) هذه الجملة شبه مطموسة، ولعلها كما أثبت.
(٤) كلمة غير واضحة في الأصل، ولعلها ما أثبت.