واجب= كان اتباعهم واجبًا.
وأيضًا: فإنه إنما أثنى على المتَّبع بالرضوان، ولم يصرَّح بالوجوب؛ لأن إيجاب الاتباع يدخل فيه الاتباع في الأفعال، ويقتضي تحريمَ مخالفتهم مطلقًا، فيقتضي ذمَّ المخطئ، وليس كذلك.
أما الأقوال؛ فلا وجهَ لمخالفتهم فيها بعد ما ثبت أن فيها رِضا الله.
وأيضًا: فإنَّ القول إذا ثَبَت أن فيه رضا الله، لم يكن رضا الله (١) في ضده، بخلاف الأفعال، فقد يكون رِضَا الله في الأفعال المختلفة، وفي الفعل والترك بحسب قصدَيْن وحالَيْن.
أما الاعتقادات والأقوال فليست كذلك، فإذا ثبت أنَّ في قولهم رضوان الله لم يكن الحقُّ والصواب إلا هو، فوجب اتباعُه.
فإن قيل: السابقون هم الذين صلوا القبلتين، أو هم أهل بيعة الرضوان ومن قبلهم، فما الدليل على اتباع من أسلم بعد ذلك؟
قيل: إذا ثبت وجوبُ اتباع أهل بيعة الرَّضوان، فهو أكبر المقصود، على أنه لا قائل بالفرق، وكلُّ الصحابة سابق بالنسبة إلى من بعدهم.
الوجه الثاني (٢): قوله: {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} يس: ٢١ هذا قصَّه الله عن صاحب (يس) على سبيل الرِّضا بهذه المقالة والثناء على قائلها، والإقرار له عليها، وكلُّ واحدٍ من الصحابة لم يسألنا أجرًا
(١) ما بين المعكوفين مستدرك من «الإعلام»: (٥/ ٥٦٥) والسياق يقتضيه.
(٢) من الأدلة على وجوب اتباع قول الصحابة، وقد تقدم الوجه الأول (ص ٥٣٢).