غيرهم، وقد يخرجون إلى الشوارع لإطلاق سراح أحدهم من السجن، وأمورًا أخرى كثيرة.
وسدر الصوفية في مفاسدهم، حتى إن بعضهم أفتى بحرام الكسب إِلَّا عند الضرورة، لأن الكسب في عرفهم ينفي التوكل على اللَّه أو ينقص منه، وقد أمرهم اللَّه بالتوكل، ورزقهم في السماء وما يوعدون (١).
ثم إن بعض الصوفية كانوا لا يقيمون الصلاة أبدًا، مدعين أنهم لا يقومون بأدائها إِلَّا في الأماكن المقدسة فقط (٢).
لقد عمَّ الفساد حياة الصوفية في عادتهم وأخلاقهم ورسومهم وسننهم وملابسهم وأزيائهم ومشاربهم ومآكلهم، واشتهر المتفقرون من المتصوفة بالجشع في الأكل والشرب، والولع بالرقص والتهافت على السماع والغناء.
حتى قال فيهم الشاعر الطاهر: الوافر
أرى جيلَ التصوف شرَّ جيلِ ... فقل لهمُ وأَهونُ بالحلولِ
أَقالَ اللَّهُ حين عبدتموه ... كلوا أكل البهائم وارقصوا لي (٣)
وعليه فإن أبرز مظاهر الفساد في حياة المتصوفة علاوة على ما ذكر، يمكن إيجازها بما يلي:
(١) الشيباني: الكسب، ٣٧ العيني: عقد الجمان، ج ٣٣/ ٣٨ أ، الكلاباذي: التعرف، ١٠٢.
(٢) الشعراني: اليواقيت والجواهر، ١/ ١٢٥.
(٣) وردت الأبيات في النص المنشور من رسالة ابن القارع، علي منصور الحلبي، الذي كان معاصرًا لأبي العلاء المعري، والتي جاءت رسالة الغفران ردًا على رسالة ابن القارح لأبي العلاء، وقد جاء في الشطر الأول من البيت الثاني: أقال اللَّه حين عشقتموه ولعله الأصوبه، لأن الصوفية تعشق بينما العبادة لكل البشر، انظر: أبو العلاء المعري: رسالة الغفران، ومعها نص محقق من رسالة ابن القارح، تحقيق د. بنت الشاطئ، ط. السادسة، دار المعارف، ١٩٧٧ ص ٣٦ - ٣٧، بنت الشاطئ: جديد في رسالة الغفران، ط. بيروت ١٩٧٢، ص ٥١.