مَا عرضت لَهُ هَذِه الْآيَة
وَأرى خَمْسَة أَشْيَاء قد عرضت لهَذِهِ الْآيَة مَانِعَة من عُمُوم الِاسْتِدْلَال بهَا بَعْضهَا مَا ذكره إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي كَلَامه هَذَا الأول مِنْهَا أَن الْمُفَسّرين اخْتلفُوا فِي معنى قَوْله تَعَالَى يعْبدُونَ
الثَّانِي أَن الْآيَة مجملة عِنْد بعض الْعلمَاء
الثَّالِث أَنه دَخلهَا التَّخْصِيص باستثناء الْمَذْكُورين
الرَّابِع أَن أصل الْعِبَادَة التذلل كَمَا ذكر وعمومها على هَذَا الْوَجْه مُمكن لقَوْله تَعَالَى {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْمَوْلُود يُولد على الْفطْرَة) الْخَامِس مَا يَئُول إِلَيْهِ مَا ذَكرُوهُ فِي الْعُمُوم من التَّنَاقُض الْمَذْكُور
قلت وَمَعَ هَذِه كلهَا يَنْبَغِي أَن يعارضوا بقوله عز وَجل {وَلَقَد ذرأنا لِجَهَنَّم كثيرا من الْجِنّ وَالْإِنْس} الْآيَة
وَوجه الِاسْتِدْلَال بهَا أَن المخلوقين لِجَهَنَّم لَيْسُوا مخلوقين لِلْعِبَادَةِ لِأَن المخلوقين لِلْعِبَادَةِ هم الَّذين سبقت لَهُم الْحسنى بالسعادة وَقد قَالَ الله تَعَالَى فيهم {أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون}
قَالَ وَمِمَّا يستدلون بِهِ قَوْله تَعَالَى {مَا أَصَابَك من حَسَنَة فَمن الله وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك}