وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُقَاتِلٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} الحديد: ٣ هُوَ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَالْآخِرُ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ وَالظَّاهِرُ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَالْبَاطِنُ أَقْرَبَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَعْنِي بِالْقُرْبِ بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَهُوَ فَوْقَ عَرْشِهِ {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} الحديد: ٣ وَصَحَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: بِمَ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ بِأَنَّهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَلَا نَقُولُ كَمَا قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ: إِنَّا هَاهُنَا، يَعْنِي فِي الْأَرْضِ.
وَصَحَّ عَنْ إِمَامِ الْأَئِمَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِأَنَّ اللَّهَ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ وَجَبَ أَنْ يُسْتَتَابَ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَطُرِحَ عَلَى مَزْبَلَةٍ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ وَالتَّارِيخِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ: بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى نُمْرُودٍ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ كَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟ قَالَ لَا، قَالَ إِنَّ بَيْنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَغِلَظُهَا مِثْلُ ذَلِكَ، إِلَى أَنْ ذَكَرَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ (إِلَى أَنْ قَالَ) وَفَوْقَهُمْ يَبْدُو الْعَرْشُ عَلَيْهِ مَلِكُ الْمُلُوكِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ فَأَنْتَ تَطَّلِعُ إِلَى ذَلِكَ؟ ! ثُمَّ بَعَثَ عَلَيْهِ الْبَعُوضَةَ فَقَتَلَتْهُ، رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْعَظَمَةِ.
وَقِصَّةُ أَبِي يُوسُفَ مَشْهُورَةٌ فِي اسْتِتَابَتِهِ لِبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ لَمَّا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ (رَوَاهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ) وَبِشْرٌ لَمْ يُنْكِرْ أَنَّ اللَّهَ أَفْضَلُ مِنَ الْعَرْشِ وَإِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَنْكَرَتْهُ الْمُعَطِّلَةُ أَنَّ ذَاتَهُ تَعَالَى فَوْقَ الْعَرْشِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الصِّفَاتِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي السُّنَّةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَطَّارِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُصْعَبٍ الْعَابِدَ يَقُولُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّكَ لَا تَتَكَلَّمُ وَلَا تَرَى فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ كَافِرٌ بِوَجْهِكَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ فَوْقَ الْعَرْشِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، لَيْسَ كَمَا يَقُولُ أَعْدَاؤُكَ الزَّنَادِقَةُ.
وَفِي وَصِيَّةِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ أَوْصَى أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَذَكَرَ الْوَصِيَّةَ (إِلَى أَنْ قَالَ فِيهَا) وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَأَنَّهُ يُرَى فِي الْآخِرَةِ عِيَانًا، يَنْظُرُ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ وَشَكَّ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهُ، وَأَنَّهُ تَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ، ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: السُّنَّةُ الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا وَرَأَيْتُ أَهْلَ الْحَدِيثِ عَلَيْهَا، مِثْلَ سُفْيَانَ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا، الْإِقْرَارُ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَإِنَّ اللَّهَ