قال ابن حَجَر المكِّي الهَيْتَمي في "الزَّواجر عن اقترافِ الكبائر"، بعد ذكر كثيرٍ منها: "اختلف العلماءُ ومَنْ بَعدَهُم في كُفر تاركِ الصَّلاة، وقد مَرَّ في الأحاديثِ الكثيرةِ السَّابقة التصريحُ بكفره وشِركِهِ، وخروجِهِ عن المِلَّة، وبأنَّه تَبْرأُ منه ذِمَّةُ الله ورسوله، وبأنَّه يحبط عملُه، وبأنَّه لا دينَ له، وبأنَّه لا إيمانَ له، ونحو ذلك من التغليظات.
وأخذَ بظاهرها جماعةٌ من الصَّحابة والتابعين ومنْ بعدهم، فقالوا: مَن تَرك صلاةً متعمِّدًا حتى خَرج جميع وقتها كان كافرًا مُراقَ الدَّم، منهم: عُمر، وعبد الرَّحمن بن عوف، ومعاذ بن جَبل، وأبو هُريرة، وابنُ مسعود، وابنُ عباس، وجابر، وأبو الدرداء.
ومن غير الصحابة: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك، والنَّخَعي، وابن عُتَيْبة (١)، وأيوبُ السَّخْتِياني، وأبو داود الطَّيَالسي، وأبو بكر بن أبي شَيْبة، وزهيرُ بن حرب، وغيرهم.
فهؤلاء الأئمَّة كلُّهم قائلونَ بكفرِ تاركِ الصَّلاة وإباحةِ دمه.
وقال محمَّد بن نصر المَرْوَزي: قال إسحاق: صَحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ تاركَ الصلاة كافرٌ.
وأمَّا الشافعيُّ وآخرون، فإنَّهم وإنْ قالوا بعدم كفره إذا لم يستحل الترك، لكنهم قائلون بأنَّه يمتَل بترك صلاة واحدة؛ فإذا أمِرَ بها في وقتها حتى خَرَجَ ولم يُصَلِّها، ثمَّ قيلَ له: صَلِّها، فأبى، ضُرب عُنُقُه بالسيف" (٢). انتهى.
(١) في الأصلين: ابن عيينة، وفي "الزواجر": الحكم بين عيينة. والصواب: الحكم بنُ عُتيبة، وهو الإِمام الكبير عالم أهل الكوفة، توفي سنة خمس عشرة ومئة، كما في ترجمته في "سير أعلام النبلاء" ٢٠٨:٥.
(٢) الزواجر عن اقتراف الكبائر ١: ٢٢٩.