الفطْر، فيقال له: إنَّه يومُ فَرَحٍ وسرورٍ، فيقول: صدقتم، ولكني عبدٌ أمرني مولاي أن أعمل له عملًا، فلا أدري أيقبله أم لا؟ ورأى وُهَيْبُ بن الورد قومًا يضحكون في يومِ عيدٍ، فقال: إن كان هؤلاء تُقُبِّل منهم صيامُهم فما هذا فعلُ الشاكرين، وإن كانوا لم يُتَقَبَّلْ منهم صيامُهم، فما هذا فعل الخائفين.
ورُوي عن عليّ رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخِر ليلةٍ من رمضان: يا لَيْتَ شِعري! مَنْ هذا المقبول فنهنِّيه، ومَنْ هذا المحروم فنُعَزِّيه؟.
وعن ابن مسعود أنه قال: مَنْ هذا المقبولُ فنهنِّيه، ومَنْ هذا المحروم فَنُعَزِّيه؟ أيُّها المقْبولُ: هنيئًا لك، وأيُّها المردود: جَبَر الله مُصيبَتَك" (١). انتهى.
وقال أيضًا بعد ذكر قدر من بركاته ومناقبه: "عبادَ الله، إنَّ شهرَ رمضان قد عَزَمَ على الرَّحيل، ولم يَبْقَ منه إلَّا القليل، فَمَنْ كان منكم أحسَنَ فيه فعليه التمام، ومن كان فرَّط فَلْيَخْتمه بالحُسْنَى؛ فالعملُ بالخِتَام.
فاستمتعوا منه فيما بقي من الليالي اليسيرة والأيام، واسْتَودعوه عَمَلًا صالحًا يشهَدُ لكم به عند المَلِكِ العلَّام، وودِّعوه عند فِراقه بأزْكى تحيَّةٍ وسلام.
سَلاَمٌ من الرَّحمن كُلَّ أوان ... على خيرِ شَهْرٍ قد مضَى وزَمَانِ
سَلاَمٌ على شَهرِ الصِّيام فإنَّهُ ... أمانٌ من الرَّحمنِ أيُّ أمانِ
لَئِنْ فَنِيَتْ أيَّامُك الغُرُّ بَغتةً ... فما الحزنُ من قلبي عليك بفانِ
لقد ذَهَبتْ أيَّامُهُ وما أَطَعْتُم، وكُتِبَتْ عليكم آثامُه وما
(١) لطائف المعارف ص ٣٧٦ - ٣٧٧.