فإذا عرفت هذا فلا يكون الاستمداد منه حال كونه منتقلا إلى الغيب الذي هو البزرخ والدار الآخرة, ولكن بما ترك فينا من كتاب الله وسنة رسوله, لأن أنوار رسالته صلى الله عليه وسلم لا تنقطع ما عمل بالكتاب والسنة.
وأما قوله: "فكل نبي تقدم على زمان ظهوره فهو نائب عنه في بعثته لتلك الشريعة".
فالجواب أن نقول: هذا كلام باطل مصادم لقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} المائدة: آية ٤٨ ولقوله صلى الله عليه وسلم: "نحن معاشر الأنبياء أولاد علات" الحديث ١, وقد قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ
= ضعيف الحديث فإنه إمام في القراءة.
والحديث مشهور من رواية الحارث الأعور, وقد تكلموا فيه, بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده, أما أنه تعمد الكذب في الحديث فلا والله أعلم.
وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي رضي الله عنه, وقد وهم بعضهم في رفعه, وهو كلام حسن صحيح, على أنه قد روي له شاهد عن عبد الله بن مسعود, رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ اهـ.
١ أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء من صحيحه ٦/٤٧٧-٤٧٨ باب قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} .
ومسلم في كتاب الفضائل من صحيح ٤/٨٣٧, باب فضائل عيسى عليه السلام عن أبي هريرة.