والجواب أن يقال هذه الحكاية لا حجة فيها لمبطل لما سنذكره إن شاء الله تعالى, قال الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي في "الصارم المنكي" قلت المعروف عن مالك أنه لا يستقبل القبر عند الدعاء, وهذه الحكاية التي ١ ذكرها القاضي عياض, ورواها بإسناده عن مالك ليست بصحيحة عنه.
وقد ذكر المعترض ٢ في موضع من كتابه أن إسنادها إسناد جيد, وهو مخطىء في هذا القول خطأ فاحشا, بل إسنادها إسناد ليس بجيد, بل هو إسناد مظلم منقطع, وهو مشتمل على من يتهم بالكذب, وعلى من يجهل حاله, وابن حميد هو محمد بن حميد الرازي, وهو ضعيف كثير المناكير غير محتج بروايته, ولم يسمع من مالك شيئا, ولم يلقه, بل رواية عنه منقطعة غير متصلة.
وقد ظن المعترض أنه أبو سفيان محمد بن حميد المعمري أحد الثقاة المخرج لهم في صحيح مسلم, قال: فإن الخطيب ذكره في الرواة عن مالك, وقد أخطأ فيما ظنه خطأ فاحشا, ووهم وهما قبيحا. إلى أن قال:
وأما محمد بن حميد الرازي فإنه في طبقة الرواة عن
١ في النسختين "الذي" وما أثبته من "الصارم" ص ٢١٨.
٢ المقصود به صاحب "شفاء السقام".