ينزل بلاء إلا بذنب, ولم يكشف إلا بتوبة. لعلمه أنه يعود على مقصوده بالهدم, وذلك أنهم إنما سألوا به ليدعو لهم, فاستكان لله تعالى بالاعتراف وبالذنب, وأنهم قد أتوه بائبين منيبين.
وكذلك أسقط منه قوله: "ونواصينا إليك بالتوبة" وهذا توسل منه بهذا العمل الصالح, وهو التوبة, وعلى تقدير صحة هذا الأثر فلا دليل فيه على ما يتوهمه, فإن توسلهم بالعباس بدعاء حي يقدر على الدعاء, وهذا لا محذور فيه وقد فعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما المحذور المنهي عنه دعاء الأموات, وتوجه بهم, والتوسل بهم وهذا لم ينقل عن أحد من الصحابة, ولا التابعين, ولا الأئمة المهديين, والعلماء والراسخين.
وأما قوله: "وفي هذا يبطل قول من منع التوسل مطلقا سواء كان في الأحياء وبالأموات, وقول من منع ذلك بغير النبي صلى الله عليه وسلم لأن فعل عمر رضي الله عنه حجة لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" رواه الإمام أحمد والترمذي"١.
١ في الأصل: "تسلوا " وفي ط الرياض: "سئلوا ".
٢ هذا الحديث روي عن جماعة من الصحابة. منهم ابن عمر أخرجه الترمذي في الفضائل من جامعه ٥/٦١٧ وفي سنده خارجة بن عبد الله.
ومنهم أبو ذر كما في مسند أحمد ٥/١٧٧ وابن ماجه ٢/٤٠ وأبو دود ٣/٣٦٥.