أيصح أن يقال إذن: إن ابن خالويه اللّغوي الكبير كان عاجزا عن متابعة هذه الحركة القرآنية في عصره، وهو من خيرة أعلامه، ومن أشهر تلاميذ ابن مجاهد؟.
الواقع أنّ العقل لا يسلّم بذلك، فإن الظروف المحيطة بهذا اللون من الدراسات تلحّ على ابن خالويه أن يؤلف في القراءات، ويوجّهها، ويحتجّ لها كما فعل معاصروه. وأكبر الظنّ أن الكتاب كان عنوانه الحجّة في القراءات السّبع فعند النسخ سقطت كلمة الحجة، وهو أمر يحدث كثيرا على يد النساخ، أو اختصر عنوانه فأصبح: القراءات، واختصار العناوين ليس بدعا في مؤلفاتنا. وقد أشار إلى ذلك محققو كتاب الحجة للفارسي حيث ذكروا أن كتاب الحجة يرد «في الكتب التي تذكره بأسماء مختلفة منها: الحجّة، والحجّة في علل القراءات السبع، والحجّة في شرح القراءات السبع. «١»
ألا يدلّ ذلك على أن أبا عليّ لم يضع هذه الأسماء العديدة لكتابه، وإنما وضع اسما واحدا فقط، فجاء الرّواة، أو النّاسخون، فغيّروا وبدّلوا مما جعل اسم هذا الكتاب يتخذ صورا متعددة.
على أن ابن خالويه كان في مقدمته صريحا، فقد ذكر أن الكتاب في الاحتجاج وقد قلت: إن أنسب تسمية لهذا الكتاب هي الحجة، فكلمة الحجة تطالعك في كل سطر من سطور هذا الكتاب.
(٢) ذكرت أن كتب الطّبقات ليست حجّة قاطعة نرجع إليها في نفي نسبة الكتاب إلى ابن خالويه حيث لم تشر إليه، ذلك لأن هذه الكتب نفسها أغفلت ذكر كتب لابن خالويه، منها: كتاب أسماء الله الحسنى الذي أشار إليه ابن خالويه نفسه في كتابه:
إعراب ثلاثين سورة حيث قال: وقد صنفتها في كتاب مفرد، واشتقاق كلّ اسم منها ومعناه «٢».
وقد علق الأستاذ الناقد على هذا القول بقوله: «هذا كلام من نمط سابقه فإن كتابه الحجة جدير بأن يذكر في أول قائمة كتب ابن خالويه لو صحت النسبة وحيث لم يذكر في كتب الطبقات، ولا ذكر في باقي كتب ابن خالويه، فهذا دليل على عدم صحة نسبته إليه، لأن كتب الطبقات لم تذكره، ولأن ابن خالويه لم يشر إليه في تضاعيف كتبه».
(١) انظر مقدمة الحجة للفارسي- ٤.
(٢) إعراب ثلاثين سورة- ١٤.