أقول: تقدم تفنيده (ص ١٢) (١).
ثم قال: (أحاديث الآحاد التي لم يعمل بها جمهور السلف هي محل اجتهاد في أسانيدها ومتونها؛ لأن ما صح منها يكون خاصًّا بصاحبه).
أقول: إن أراد بقوله: (صاحبه) من عَرف صحّته، بمعنى أنه ليس له إلزام غيره فسيأتي قريبًا، وإن أراد به الصحابي الذي ورد فيه، فإنما يصح هذا حيث يثبت دليل على الخصوصية. وراجع (ص ٢٨ - ٣٥) (٢).
قال: (ومن صح عنده شيء منها روايةً ودلالةً عمل به، ولا تُجْعَل تشريعًا عامًّا تُلزمه الأمة إلزامًا تقليدًا لمن أخذ به).
أقول: على مَنْ صحّ عنده أن يُبيِّن ذلك لغيره ويعذره إن خالفه ولم يتبيَّن له عناده أو زيغه، وإلا لزمه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى الإمام أن يمنع من يتبيَّن له خطؤه من الإفتاء بذلك الخطأ، ويمنع الناس من الأخذ بفتواه، وفي سيرة عمر رضي الله عنه ما يبيّن هذا.
ص ٢٢١ ثم ذكر أشياء قد تقدَّم النظر فيها، إلى أن قال: (وما كل مالم يصح سنده يكون متنه غير صحيح).
أقول: وجه ذلك أنه قد يثبت بسند آخر صحيح، لكن لا يخفى أن هذا الاحتمال لا يفيد المتنَ شيئًا من القوَّة، غايته أن يقتضي التريُّث في الجزم بضعفه مطلقًا حتى يبحث فلا يوجد له سند صحيح.
وذكر أشياء تقدَّم النظر فيها، إلى أن قال ص ٣٥٢: (ولم يَظْهر البخاريُّ ولا غيره من كتب الحديث إلا بعد انقضاء خير القرون).
(١) (ص ٢٥).
(٢) (ص ٥٦ ــ ٦٩).