يعني: فجَمَعها هو في كتابه. وغالب ذلك قد تكفَّلَتْ به كتب المصطلح، وسائره في كتب أخرى من تأليف المُحدِّثين أنفسهم، ومنها ينقل أبو رية.
وقال ص ٦: (أسباب تصنيف هذا الكتاب ... إلخ)، إلى أن قال: (ومما راعني أني أجد في معاني كثير من الأحاديث ما لا يقبله عقل صريح) (١).
أقول: لا ريب أنَّ في ما يُنسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأخبار ما يردُّه العقل الصريح، وقد جمع المحدِّثون ذلك وما يقرب منه في كتب الموضوعات، وما لم يُذكر فيها منه فلن تجد له إسنادًا متصلًا إلا وفي رجاله ممن جرحه أئمة الحديث رجلٌ أو أكثر. وزَعْم أن في "الصحيحين" شيئًا من ذلك سيأتي النظرُ فيه. وقد تقدمت قضية العقل.
قال: (ولا يثبته علم صحيح، ولا يؤيده حسٌّ ظاهر أو كتاب متواتر) (٢).
أقول: لا أدري ما فائدة هذا! مع العلم بأنَّ ما يثبته العلم الصحيح، أو يؤيده الحس الظاهر لابد أن يقبله العقل الصريح، وإن القرآن لا يؤيِّد ما لا يقبله العقل الصريح.
ثم قال: (كنتُ أسمع من شيوخ الدين ــ عفا الله عنهم ــ أن الأحاديث التي تحملها كتب السنة قد جاءت كلها على حقيقتها ... ).
أقول: العامة في باديتنا باليمن، والعامة من مسلمي الهند، إذا ذكرتَ لأحدهم حديثًا قال: أصحيح هو؟ فإن قلت له: هو في "سنن الترمذي"
(١) حُذفت هذه الفقرة بتمامها من الطبعات اللاحقة.
(٢) هذه المقولة وما بعدها إلى قوله: "حرج أو جناح" حذفت من الطبعات اللاحقة.