(الطليعة) وغيرها، والثالثة يعلم حالها من حال ابن أبي العوام وسنده، والرابعة يراجع ما قد يفيدها في (مناقب أبي حنيفة) للموفق ج 2 ص 33 - ليعرف ما في تلك الأسانيد المظلمة. وليت الأستاذ جاء بخير واحد قوي يمكنه أن يثبت قليلا أمام الأخبار التي يضج منها الأستاذ !
وقال الأستاذ ص 105: «وكان مالك صاحب القدح المعلى في الرأي
... . وما رده من الأحاديث التي رواها هو بأصح الأسانيد عنده في (الموطأ) ولم يعمل هو به يزيد على سبعين حديثا
... عن الليث بن سعد قال: أحصيت على مالك بن أنس سبعين مسألة كلها مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم مما قال فيها مالك برأيه
... وما دونه أبو العباس محمد بن إسحاق السراج الثقفي من مسائله البالغة سبعين ألفا كما في (طبقات الحفاظ) للذهبي ج 2 ص 269 صريح في أنه كان من أهل الرأي
... ...» .
أقول: أما الأحاديث فقد توقف مالك عن الأخذ ببعضها وليس ما توقف عنه وقد رواه بأصح الأسانيد عنده في (الموطأ) بكثير كما زعم الأسانيد بدون أن يذكر مستندا ومع ذلك فلم يرد مالك حديثا واحدا بمحض الرأي ولا ذكر له حديث فقال: هذا سجع. أو: هذا رجز. أو: حك هذا بذنب خنزير أو نحو ذلك من الكلمات المروية عن غيره بل أشتهر عنه قوله: «ما من أحد إلا ويؤخذ من كلامه ويترك إلا صاحب هذا القبر» يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقوله: «إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فما وافق السنة فخذوا به» (1) .
وكان يأخذ بالرأي عند الضرورة وجاء عنه من وجوه أنه كان يسأل عن مسائل فيجيب عن بعضها ويدع سائرها ولو جاءه رجل فقال: جئتك بمائة مسألة لبادر إلى الأمر بإخراجه فكيف يقاس إلى من قيل له: «جئتك بمائة ألف مسألة» فقال: «هاتها» ! فأما ما حكي عن الليث فالأفهام في السنة تختلف، يختلف العالمان في فهم الحديث أو في ترجيح أحد الحديثين على الآخر فيري كل منها أن قول صاحبه مخالف للسنة، وقصة سبعين ألف