الشافعي: سألت محمد بن الحسن كتابًا فدافعني به، فكتبت إليه:
قل لمن (١) لم تر عيـ ... ـنا مَن رآه مثلَه
ومَن كأنّ مَن رآ ... هـ قد رأى مَن قبله
العلمُ ينهى أهلَه ... أن يمنعوه أهلَه
لعلّه يبذله ... لأهله لعلّه
قال: فحمل محمدٌ الكتابَ في كُمّه وجاءني به معتذرًا من حينه".
ص ١٤ وقول الأستاذ: "رفع حديثه إلى الرشيد" بناه على أن كلمة "رفع" في الحكاية مبنيّة للفاعل، والذي تدلّ عليه الروايات الأخرى أنها مبنيّة للمفعول وأن الرافع غير محمد.
ومما بناه الأستاذ على تلك الحكاية قوله: "فبهذه الرواية يعلم أن ما في "الأم" من محادثات للشافعي مع بعض الناس في مسائل ليس مناظرة للشافعي مع محمد بن الحسن بل مع بعض أصحابه، على خلاف ما توهّمه بعضهم".
أقول: من مكارم أخلاق الشافعي وكمال عقله وصدق إخلاصه أن غالب ما يسوقه من المناظرات لا يسمّي مَن ناظره؛ لأن المقصود إنما هو تقرير الحقّ ودفع الشبهات وتعليم طرق النظر. وتسميةُ المناظر يُتوهّم فيها حظّ النفس، كأنه يقول: ناظرتُ فلانًا المشهورَ فقطعته. وفيها غضٌّ ما مِن المناظر فيما يبينه من خطائه واحتجاجه بما ليس بحجة.
والواقع أن المناظرات التي في "الأم" منها ما هو مع محمد بن الحسن، ومنها ما هو مع بعض أصحابه في حياته أو بعد وفاته، وربما صرّح الشافعي
(١) كتب المؤلف بعدها علامة استفهام بين هلالين (؟ )، ولعله استشكل وزن البيت.