حاصل المثال أن ابن الجنيد قال: سُئل يحيى بن معين وأنا أسمع عن مُؤمّل بن إهاب، فكأنه ضعَّفه.
فقال الأستاذ في «التأنيب» (١) في مؤمل: «ضعفه ابن معين».
فقال في «الترحيب» (ص ٤٥) ص ٤٩: «على أن الذاكرة قد تخون في استذكار المعنى الحرفي، فقول القائل: «كأنه ضعفه» لا يفرُق كثيرًا من قوله: «ضعّفه»، لكون الحكم على الأحاديث بالصحة والضعف، وعلى الرجال بالثقة أو الضعف ــ في أخبار الآحاد ــ مبنيًّا على ما يبدو للناقد، لا على ما في نفس الأمر.
فظهر أن ذلك عبارة عن (٢) غلبة الظن فيما لا يقين فيه، وسبق أن نقلنا عن أحمد في «الرمادي»: «كأنه يغيّر الألفاظ»، وقد بنى عليه الذم الشديد».
أقول: لا يخفى ما في هذا من التعسُّف، فإنه مما لا يخفى!
فإن الخبر شرط صحته الجزم، فهل للأعمى الصائم إذا سأل بصيرًا عن غروب الشمس، فقال البصير: «كأنها قد غربت» = أن يفطر؟ !
وهل على من عهد ثوبًا طاهرًا فقال له قائل: «كأنه قد تنجَّس» أن يعدّه نجسًا؟ !
وهل لامرأة غاب عنها زوجها مدة، فلقيها ثقتان ــ مثلًا ــ فقالا (٣): «كأنه قد مات» أن تعتد وتتزوج؟ !
(١) (ص ١٠٦).
(٢) سقطت من الأصل، والاستدراك من «الترحيب».
(٣) الأصل: «قال».