أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، نا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ ، قَالَتْ : بَيْنَا نَحْنُ فِي بَيْتِنَا إِذَا نَحْنُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْطِئُهُ أَنْ يَأْتِيَ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوَّلَ النَّهَارِ أَوْ مِنْ آخِرِهِ ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ , قَالَ : مَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلا لأَمْرٍ ، قَالَ : فَدَخَلَ الْبَيْتَ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ ، فَقَالَ : لَيْسَ عَلَيْكَ عَيْنٌ إِنَّمَا هُنَّ بَنَاتِي ، فَقَالَ : قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ ، قُلْتُ : فَالصُّحْبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : نِعْمَ الصُّحْبَةُ ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ يَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ , ثُمَّ خَرَجَا حَتَّى لَحِقَا بِالْغَارِ فِي ثَوْرٍ ، وَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مُوَلَّدًا مِنْ مُوَلَّدِي الأَسْدِ , وَكَانَ لِلْحَارِثِ بْنِ الطُّفَيْلِ , وَكَانَ أَخَا عَائِشَةَ ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ لأُمِّهِمَا , فَاشْتَرَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْتَقَهُ , وَكَانَ لأَبِي بَكْرٍ مَنِيحَةٌ مِنْ غَنَمٍ تَرُوحُ عَلَى أَهْلِهِ بِمَكَّةَ , فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا أَنْ يُخْرِجَهَا إِلَى ثَوْرٍ , فَكَانَا فِي الْغَارِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ , وَأَرْسَلا بِظَهْرِهِمَا مَعَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الدِّيْلِ , يُقَالُ لَهُ : أَرْقَدُ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ مِنْ بَنِي الدِّيْلِ , وَكَانَ حَلِيفًا لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ , وَكَانَ مُشْرِكًا فَاسْتَأْجَرَاهُ لِيُدِلَّهُمَا وَكَانَ هَادِيًا لِلطَّرِيقِ , فَجِيئَا بِظَهْرِهِمَا تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلاثَ وَهُمَا فِي الْغَارِ , فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَأْتِيهِمَا كُلَّ مَسَاءٍ وَيُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ بِمَكَّةَ ثُمَّ يُصْبِحُ بِمَكَّةَ ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يُرِيحُ عَلَيْهِمَا الْغَنَمَ فَيَحْلِبَانِ ثُمَّ يُسَرِّحُ فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ فِي رِعْيَانِ النَّاسِ وَلا يُفْطَنُ لَهُ ، فَلَمَّا هَدَأَتِ الأَصْوَاتُ وَبَلَغَهُمَا أَنَّهُ قَدْ سُكِتَ عَنْ طَلَبِهِمَا جَاءَ الدِّئْلِيُّ بِظَهْرِهِمَا , فَلَمَّا قَدِمَ بِالظَّهْرِ لِيَرْكَبَ , قَالَ لأَبِي بَكْرٍ : مَا هَذِهِ النَّاقَةُ ؟ ، فَقَالَ : هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَقَالَ : إِنِّي لا أَرْكَبُ بَعِيرًا لَيْسَ لِي إِلا بِالثَّمَنِ ، قَالَ : فَأَخَذَهَا , وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ صَنَعَتْ سُفْرَةً لِخُرُوجِهِمَا , فَشَدَّتْهَا بِنِطَاقَيْنِ مِنْ نِطَاقِهَا , فَلَمَّا ارْتَحَلا لَمْ يَجِدُوا لَهَا عِصَامًا تُعَلِّقُ بِهِ , فَحَلَّتْ إِحْدَى نِطَاقَيْهَا فَشَدَّتْهَا بِهِ , فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ ، وَرَكِبَ أَبُو بَكْرٍ رَاحِلَتَهُ ، وَأَرْدَفَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ ، فَانْطَلَقَا وَلَيْسَ مَعَهُمَا غَيْرُ عَامِرٍ ، وَابْنِ أَرْقَدَ أَجِيرِهِمَا وَدَلِيلِهِمَا فَأَجَازَ بِهِمَا أَسْفَلَ مَكَّةَ ، ثُمَّ جَاءَ السَّاحِلَ حَتَّى خَرَجَ بِهِمَا مِنْ أَسْفَلَ عُسْفَانَ . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : فَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ مِنَ الْغَارِ سَلَكَ بِهِمَا الدَّلِيلُ أَسْفَلَ مَكَّةَ , ثُمَّ أَجَازَ بِهِمَا السَّاحِلَ حَتَّى خَرَجَ بِهِمَا مِنْ أَسْفَلَ عُسْفَانَ ، قَالَ يَحْيَى : قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ : ابْنُ أَرْقَدَ , قَالَ : وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : عَنِ الْكَلْبِيِّ أُرَيْقِطٌ , قَالَ يَحْيَى : وَيُقَالُ : أُرَيْقِدٌ بِالتَّصْغِيرِ .