وَلا شُكُوراً «1» لم يقولوا ذلك، إِنما أضمروه، ويدل على صحة هذا أنها لو قالت له وهو شاب مستحسَن: اخرج على نسوة من طبعهن الفتنة، ما فعل.
وفي قوله تعالى: أَكْبَرْنَهُ قولان: أحدهما: أَعْظَمْنَهُ، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وابن أبي نجيح عن مجاهد، وبه قال قتادة، وابن زيد. والثاني: حِضْنَ «2» ، رواه الضحاك عن ابن عباس. وروى عليّ بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال: حضن من الفَرَح، قال: وفي ذلك يقول الشاعر:
نَأْتي النساءَ لدى أطهارهنّ ولا
... نأتي النساء إذا أكثرن إِكبارا «3»
وقد روى هذا المعنى ليث عن مجاهد، واختاره ابن الأنباري، وردّه بعض اللغويين، فروي عن أبي عبيدة أنه قال: ليس في كلام العرب «أكبرن» بمعنى «حِضن» ، ولكن عسى أن يكنّ من شدة ما أعظمنه حضن، وكذلك روي عن الزجاج أنه أنكره.
قوله تعالى: وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: حَزَزْنَ أيديَهن، وكن يحسبن أنهن يقطّعن طعاماً، قاله ابن عباس، وابن زيد. والثاني: قطّعن أيدَيهن حتى ألقينها، قاله مجاهد، وقتادة. والثالث:
كلَمن الأكُفَّ وأبنَّ الأنامل، قاله وهب بن منبّه.
قوله تعالى: وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ قرأ أبو عمرو «حاشا» بألف في الوصل في الموضعين، واتفقوا على حذف الألف في الوقف، وأبو عمرو جاء به على التمام والأصل، والباقون حذفوا. وهذه الكلمة تستعمل في موضعين. أحدهما: الاستثناء. والثاني: التبرئة من الشر. والأصل «حاشا» وهي مشتقة من قولك: كنت في حشا فلان، أي: في ناحيته. والحشا: الناحية، وأنشدوا:
بأيِّ الحَشَا أَمْسَى الخَلِيْطُ المُبَايِنُ «4»
أي: بأي النواحي، والمعنى: صار يوسف في حشاً من أن يكون بشراً، لفرط جماله. وقيل:
صار في حشاً مما قرفته به امرأة العزيز. وقال ابن عباس، ومجاهد: «حاش لله» بمعنى: معاذ الله. قال الفراء: و «بشراً» منصوب، لأن الباء قد استعملت فيه، فلا يكاد أهل الحجاز ينطقون إِلا بالباء، فلما حذفوها أحبوا أن يكون لها أثر فيما خرجت منه، فنصبوا على ذلك، وكذلك قوله: ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ «5» ، وأما أهل نجد فيتكلمون بالباء وبغير الباء، فإذا أسقطوها، رفعوا، وهو أقوى الوجهين في العربية. قال الزّجّاج: قوله: الرّفع أقوى الوجهين، غلط، لأن كتاب الله أقوى اللغات، ولم يقرأ بالرفع أحد. وزعم الخليل، وسيبويه، وجميع النحويين القدماء أن «بشراً» منصوب، لأنه خبر «ما» و «ما» بمنزلة «ليس» . قلت: وقد قرأ أبو المتوكّل، وأبو نهيك، وعكرمة، ومعاذ القارئ في آخرين: «ما هذا