قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ يعني الأصنام آلهة. قال أبو عبيدة: المعنى: والذين يدعون غيره من دونه. قوله تعالى: لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ أي: لا يجيبونهم.
قوله تعالى: إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ فيه خمسة أقوال: أحدها: أنه العطشان يمدُّ يده إِلى البئر ليرتفع الماء إِليه وما هو ببالغه قاله عليّ عليه السلام، وعطاء. والثاني: أنه الرجل العطشان قد وضع كفَّيه في الماء وهو لا يرفعهما، رواه العوفي عن ابن عباس. والثالث: أنه العطشان يرى خياله في الماء من بعيد، فهو يريد أن يتناوله فلا يقدر عليه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والرابع: أنه الرجل يدعو الماءَ بلسانه ويشير إِليه بيده فلا يأتيه أبداً، قاله مجاهد. والخامس: أنه الباسط كفَّيه ليقبض على ماء حتى يؤدِّيَه إِلى فيه، لا يتم له ذلك، والعرب تقول: من طلب ما لا يجد فهو القابض على الماء، وأنشدوا:
وإِنِّي وإِيَّاكم وشَوْقاً إِليكُمُ
... كقابضِ ماءٍ لم تَسِقْهُ أنامِلُهْ «1»
أي: لم تحمله، والوَسْق: الحِمْلُ، وقال آخر:
فأصبحتُ مما كان بَيْني وبَيْنَها
... مِنَ الوُدِّ مِثْلَ القَابِضِ الماءَ باليَدِ
هذا قول أبي عبيدة، وابن قتيبة.
قوله تعالى: وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ فيه قولان: أحدهما: وما دعاء الكافرين ربَّهم إِلا في ضلال، لأنّ أصواتهم محجوبة عن الله عزّ وجلّ، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثاني: وما عبادة الكافرين الأصنامَ إِلا في خسران وباطل، قاله مقاتل.
سورة الرعد (13) : آية 15وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (15)
قوله تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ أي: من الملائكة، ومَن في الأرض من المؤمنين طَوْعاً وَكَرْهاً. وفي معنى سجود الساجدين كَرها ثلاثة أقوال: أحدها: أنه سجود مَنْ دخل في الإِسلام بالسيف، قاله ابن زيد. والثاني: أنه سجود ظِلِّ الكافر، قاله مقاتل. والثالث: أن سجود الكاره تذلُّله وانقياده لما يريده الله عزّ وجلّ منه من عافية ومرض وغنى وفقر «2» .
قوله تعالى: وَظِلالُهُمْ أي: وتسجد ظلال الساجدين طوعاً وكَرهاً، وسجودُها: تمايلها من جانب إِلى جانب، وانقيادها للتسخير بالطُّول والقِصَر. قال ابن الأنباري: قال اللغويون: الظِّل ما كان بالغَدَوات قبل انبساط الشمس، والفيءُ ما كان بعد انصراف الشمس، وإِنما سُمِّي فيئاً، لأنه فاء، أي:
رجع إِلى الحال التي كان عليها قبل ان تنبسط الشمس، وما كان سوى ذلك فهو ظلّ، نحو ظلّ