أمرهم. قوله تعالى: وَمَنْ صَلَحَ وقرأ ابن أبي عبلة: «صلُح» بضم اللام. ومعنى «صلح» : آمن، وذلك أن الله تعالى ألحق بالمؤمن أهله المؤمنين إِكراماً له، لتقرَّ عينُه بهم. وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ قال ابن عباس: بالتحية من الله والتحفة والهدايا.
قوله تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ قال الزجاج: أُضمر القول ها هنا، لأن في الكلام دليلاً عليه. وفي هذا السلام قولان: أحدهما: أنه التحية المعروفة «1» ، يدخل الملَك فيسلِّم وينصرف. قال ابن الأنباري:
وفي قول المسلِّم: سلام عليكم، قولان: أحدهما: أن السلام: الله عزّ وجلّ، والمعنى: الله عليكم، أي: على حفظكم. والثاني: أن المعنى: السلامة عليكم، فالسلام جمع سلامة. والثاني: أن معناه:
إِنما سلَّمكم الله تعالى من أهوال القيامة وشرِّها بصبركم في الدنيا.
وفيما صبروا عليه خمسة أقوال: أحدها: أنه أمر الله، قاله سعيد بن جبير. والثاني: فضول الدنيا، قاله الحسن. والثالث: الدِّين. والرابع: الفقر، رويا عن أبي عمران الجَوني. والخامس: أنه فقد المحبوب، قاله ابن زيد.
سورة الرعد (13) : آية 25وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)
قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ قد سبق تفسيره في سورة (البقرة) «2» . وقال مقاتل: نزلت في كفّار أهل الكتاب. وقوله تعالى: أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ أي: عليهم.
سورة الرعد (13) : آية 26اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ (26)
قوله تعالى: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ أي: يوسِّع على من يشاء وَيَقْدِرُ أي: يضيِّق. وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا قال ابن عباس: يريد مشركي مكة، فرحوا بما نالوا من الدنيا فطغوا وكذّبوا الرّسل. وقوله تعالى: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ أي: بالقياس إِليها إِلَّا مَتاعٌ أي: كالشيء الذي يتمتّع به، ثم يفنى.
سورة الرعد (13) : آية 27وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (27)
قوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا نزلت في مشركي مكة حين طلبوا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثل آيات الأنبياء «3» . قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ أي: يردُّه عن الهدى كما ردّكم بعد ما أنزل من الآيات وحرمكم الاستدلال بها، وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ أي: رجع إِلى الحق، وإِنما يرجع إِلى الحق من شاء اللهُ رجوعه، فكأنه قال: ويهدي من يشاء.