عمرو بن سفيان عن ابن عباس قال: السَّكَرُ: ما حرِّم من ثمرتها، وقال هؤلاء المفسرون: وهذه الآية نزلت إِذْ كانت الخمرة مباحة، ثم نسخ ذلك بقوله: فَاجْتَنِبُوهُ «1» ، وممن ذكر أنها منسوخة، سعيد بن جبير، ومجاهد، والشعبي، والنخعي. والثاني: أن السَّكَر: الخَلّ، بلغة الحبشة، رواه العَوفي عن ابن عباس. وقال الضحاك: هو الخل، بلغة اليمن. والثالث: أن «السَّكَر» الطُّعْم، يقال: هذا له سَكَر، أي:
طُعْم، وأنشدوا:
جَعَلْتَ عَيْبَ الأَكْرَمِيْن سَكَرا «2»
قاله أبو عبيدة. فعلى هذين القولين، الآية محكمة. فأما الرزق الحسن، فهو ما أُحِلَّ منهما، كالتمر، والعنب، والزبيب، والخل، ونحو ذلك.
سورة النحل (16) : الآيات 68 الى 69وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)
قوله تعالى: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ في هذا الوحي قولان: أحدهما: أنه إِلهام، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والضحاك، ومقاتل. والثاني: أنه أمر، رواه العوفي عن ابن عباس. وروى ابن مجاهد عن أبيه قال: أَرسل إِليها. والنحل: زنابير العسل، واحدتها نحلة، و «يَعرِشون» يجعلونه عريشاً، وقرأ ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم «يَعْرُشُون» بضم الراء، وهما لغتان، يقال: «يعرِش» و «يعرش» مثل «يعكف» و «يعكف» ثم فيه قولان: أحدهما: ما يعرشون من الكروم، قاله ابن زيد.
والثاني: أنها سقوف البيوت، قاله الفراء، وقال ابن قتيبة: كل شيء عُرِش، من كرم، أو نبات، أو سقف، فهو عَرْش، ومعروش. وقيل: المراد ب «مما يعرشون» : مما يبنون لهم من الأماكن التي تلقي فيها العسل، ولولا التسخير، ما كانت تأوي إِليها.
قوله تعالى: ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ قال ابن قتيبة: أي: من الثّمرات، و «كلّ» ها هنا ليست على العموم، ومثله قوله: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ «3» . قال الزّجّاج: فهي تأكل الحامض، والمرّ، وما لا يوصف