الشيء، تقول: أجمعت على الخروج، وأجمعت الخروج، تريد: أزمعت، قال الشاعر:
يا لَيْتَ شِعْرِي والمنى لا تنفع
... هل أغدون يوما وأمري مُجْمَع «1»
يريد: قد أُحكم وعُزم عليه. وقرأ أبو عمرو: «فاجمَعوا» بفتح الميم من «جمعت» ، يريد: لا تَدَعوا من كيدكم شيئاً إِلا جئتم به. فأما كيدهم، فالمراد به: سحرهم، ومكرهم.
قوله تعالى: ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا أي: مُصْطَفِّين مجتمعين، ليكون أنظم لأموركم، وأشدَّ لهيبتكم.
قال أبو عبيدة: «صفاً» أي: صفوفاً. وقال ابن قتيبة: «صفاً» بمعنى: جمعاً. قال الحسن: كانوا خمسة وعشرين صفاً، كلُّ ألف ساحر صفٌّ.
قوله تعالى: وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى قال ابن عباس: فاز من غلب.
سورة طه (20) : الآيات 65 الى 73قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (65) قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (67) قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (68) وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (69)
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (70) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (71) قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (73)
قوله تعالى: بَلْ أَلْقُوا قال ابن الأنباري: دخلت بَلْ لمعنى: جحد في الآية الأولى، لأن الآية إِذا تُؤمِّلتْ وُجِدتْ مشتملة على: إِما أن تلقي، وإِما أن لا تلقي. قوله تعالى: وعصيتهم قرأ الحسن، وأبو رجاء العطاردي، وأبو عمران الجوني، وأبو الجوزاء: «وعُصيُّهم» برفع العين. قوله تعالى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ وقرأ أبو رزين العقيلي، وأبو عبد الرحمن السُّلَمي، والحسن، وقتادة، والزهري، وابن أبي عبلة: «تُخيَّلُ» بالتاء، «إِليه» أي: إِلى موسى. يقال: خُيِّل إِليه: إِذا شُبِّه له. وقد استدل قوم بهذه الآية على أنّ السّحر ليس بشيء. قالوا إنما خيّل إلى موسى، والجواب: أنا لا ننكر أن يكون ما رآه موسى تخيّلا، وليس بحقيقة، فإنه من الجائز أن يكونوا تركوا الزئبق في سلوخ الحيات حتى جرت، وليس ذلك بحيَّات. فأما السحر، فإنه يؤثِّر، وهو أنواع.
(975) وقد سحر رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى أثر فيه،