بتشديد اللام، يريد: بل فلعلَّه كبيرهم هذا. وقال ابن قتيبة: هذا من المعاريض، ومعناه: إِن كانوا ينطقون، فقد فعله كبيرهم، وكذلك قوله: إِنِّي سَقِيمٌ «1» أي سأسقم، ومثله: إِنَّكَ مَيِّتٌ «2» أي:
ستموت، وقوله: لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ «3» قال ابن عباس: لم ينس، ولكنه من معاريض الكلام، والمعنى: لا تؤاخذني بنسياني، ومن هذا قصة الخصمين إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ»
، ومثله: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً «5» ، والعرب تستعمل التعريض في كلامها كثيراً، فتبلغ إِرادتها بوجهٍ هو ألطف من الكشف وأحسن من التصريح. وروي أن قوماً من الأعراب خرجوا يمتارون، فلما صدروا، خالف رجل في بعض الليل إِلى عكْم «6» صاحبه، فأخذ منه بُرّاً وجعله في عِكْمه، فلما أراد الرحلة وقاما يتعاكمان، رأى عِكْمه يشول، وعِكْم صاحبه يثقل، فأنشأ يقول:
عِكْم تغشَّى بعضَ أعكام القوم
... لَمْ أَرَ عِكْماً سَارقاً قبل اليوم
فخوَّن صاحبه بوجهٍ هو ألطف من التصريح. قال ابن الأنباري: كلام إِبراهيم كان صدقاً عند البحث، ومعنى قول النبيّ صلى الله عليه وسلّم:
(983) «كذب إِبراهيم ثلاث كذبات» : قال قولاً يشبه الكذب في الظاهر، وليس بكذب، قال المصنف: وقد ذهب جماعة من العلماء إِلى هذا الوجه، وأنه من المعاريض، والمعاريض لا تُذم، خصوصاً إِذا احتيج إِليها.
(984) روى عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ في المعاريض لمندوحة عن